حمار ومعه الأمان ۱ .
فقال: أمّا أنت فقد أمنتك، وأمّا أهل بيتك فإنّي أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس، فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي، و إن لم تصل فهم آمنون. وانتزع قوسه ورمى نحو بيت المقدس، فحملت الريح النشابة حتّى علقتها في بيت المقدس، فقال: لا أمان لهم عندي.
فلمّا وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة، وإذا دم يغلي وسطه، وكلّما ألقي عليه التراب خرج وفار وهو يغلي، فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا [دم ] ۲ نبيّ من أنبياء اللَّه، قتله ملك بني إسرائيل ودمه يغلي، وكلّما ألقينا عليه التراب خرج يغلي.
فقال بخت نصر: لأقتلنّ بني إسرائيل حتّى يسكن هذا الدم. وكان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا عليه السلام، وكان بين قتل يحيى وبين خروج بخت نصر مائة سنة.
فلم يزل يقتلهم، وكان يدخل قرية قرية، فيقتل الرجال والنساء والصبيان، والدواب وكلّ حيوان ۳ .
فخرج إرميا على حمار ومعه تين قد تزوّده وعصير، فنظر إلى سباع البرّ وسباع البحر وسباع الجوّ تأكل الجيف، ففكّر في نفسه، وقال: كيف يحيى اللَّه هذه؟ فأماته اللَّه مكانه. وهو قوله: «أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ»».
قوله: «ثمَّ بَعَثَهُ» أي: أحياه.
فلمّا رحم اللَّه بني إسرائيل [وأهلك بخت نصر، ردّ بني إسرائيل] ۴ إلى الدنيا، وكان عزير - لمّا سلّط اللَّه بخت نصر على بني إسرائيل - هرب منه ودخل في عين، وغاب فيها. ۵
1.ما بين المعقوفتين من الأصل.
2.في الأصل زيادة ما يلي: «فلم يصل إليه إرميا من كثرة جنوده وأصحابه، فصيّر الأمان على قصبة أو خشبة ورفعها. فقال: من أنت؟ فقال: أنا أرميا النبيّ الذي بشّرتك بأنّكّ سيسلّطك اللَّه على بني إسرائيل، وهذا أمانك لي». وفي العبارة سقط، ويظهر من السياق: أنّ إرميا كان قد أخذ الأمان لأهل بيته أيضاً كما يدلّ عليه قوله «فآخذ لنفسي وأهل بيتى منه أماناً».
3.في الأصل زيادة ما يلي: «والدم يغلي حتّى أفناهم، فقال: بقي أحد في هذه البلاد؟ فقالوا: عجوز في موضع كذا وكذا، فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن، وكانت آخر من بقي» و فيه أيضا مصير بخت نصر فراجع.
4.ما بين المعقوفتين من الأصل. والعبارة في «ج» هكذا: «وأراد أن يهلك بخت نصر، ويردّ بني إسرائيل».
5.في الأصل: و بقي إرميا (في هامش «ط» في نسخة: «دانيال»). ميتاً مائة سنة، ثمّ أحياه اللَّه تعالى، فأوّل ما أحيا منه عيناه في مثل غرقئ. (الغرقى: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض. (المعجم الوسيط، ج ۲، ص ۶۵۰). فنظر، فأوحى اللَّه تعالى إليه: كم لبثت؟ قال لبثت يوماً. ثمّ نظر إلى الشمس وقد ارتفعت فقال: أو بعض يوم. فقال اللَّه تعالى: «بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِك وشَرابِك لَمْ يَتَسَنَّهْ» أي لم يتغيّر «وانْظُرْ إِلى حِمارِك ولِنَجْعَلَك آيَةً لِلنَّاسِ وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً» فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه وإلى اللّحم الذي قد أكلته السباع يتألّف إلى العظام من هاهنا وهاهنا، ويلتزق بها حتّى قام، وقام حماره، فقال: «أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ» » ورواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۵۲۹ - ۵۳۲، عن تفسير القمّي. وروى معناه العيّاشي في تفسيره، ج ۱، ص ۱۴۰، ح ۴۶۶، مختصراً.