73
مختصر تفسير القمّي

فقال: نعم، [فأذنت هاجر لجرهم‏] ۱ فنزلوا بالقرب منها، فأنست هاجر، وأنس إسماعيل بهم.
فلمّا زارهم إبراهيم في المرّة الثانية ۲ نظر إلى كثرة الناس حولهم، فسرّ بذلك. وكانت جرهم قد وهبت لإسماعيل كلّ واحد منهم شاة و شاتين، فكانت هاجر وإسماعيل يعيشان بها.
فلمّا بلغ إسماعيل عليه السلام مبلغ الرجال، أمر اللَّه إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت، فقال: يا ربّ، في أيّ بقعة؟
قال: في البقعة التي أنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم. ولم تزل القبة التي أنزلها اللَّه على آدم عليه السلام قائمة حتّى كان أيّام الطوفان، فلمّا غرقت الدنيا رفع اللَّه تلك القبة وغرقت الدنيا إلّا موضع البيت، فسمي: البيت العتيق لذلك، لأنّه اُعتق من الغرق.
فلمّا أمر اللَّه إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت [لم يدر في أيّ مكان يبنيه، فبعث اللَّه عزّ وجلّ جبرئيل عليه السلام فخطّ له موضع البيت‏] ۳ وأنزل عليه القواعد من الجنّة، وكان الحجر الذي أنزله على آدم عليه السلام أشدّ بياضاً من الثلج، فلمّا مسّته أيدي الكفار إسودّ.
فبنى إبراهيم عليه السلام البيت، ونقل إسماعيل عليه السلام الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء ۴ تسع أذرع، ثمّ دلّه على موضع الحجر، فاستخرجه إبراهيم عليه السلام ووضعه في موضعه الذي هو فيه. ۵
فلمّا بناه أمر اللَّه إبراهيم أن يؤذن بالحجّ، فقال: ولم ۶ يبلغ صوتي، وكيف يسمع من بالمشرق والمغرب؟
قال: عليك الأذان وعليّ البلاغ.

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ط»: «الثالثة».

3.في «ط»: «إلى السماء».

4.في الأصل زيادة: «الآن، وجعل (في «ص»: «فلمّا بنى جعل...».) له بابين: باباً إلى الشرق، وباباً إلى المغرب، والباب الذي إلى المغرب يسمّى: المستجار، ثمّ ألقى عليه الشجر والإذخر، وألقت (في «ط»: «وعلقت».) هاجر على بابه كساءً كان معها، وكانوا يكنّون تحته».

5.كذا في النسخ، ولعلّه: «ولما».


مختصر تفسير القمّي
72

كداء - وهو جبل بذي طوى - إلتفت إليهم، وقال: يارب «إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ» ۱...الآية، ثمّ مضى.
فلمّا ارتفع النهار عطش إسماعيل وقام يطلب الماء، فقامت هاجر في الوادي، ونزلت في الوادي في موضع السعي ۲ ، فنادت: هل في الوادي من أنيس؟ فغاب عنها إسماعيل عليه السلام فصعدت على الصفا، ثمّ لمع لها السراب في ناحية الوادي، فظنّته ماء، فنزلت في بطن الوادي وسعت، فلمّا بلغت السعي غاب عنها إسماعيل عليه السلام، ثمّ لمع لها السراب في ناحية الصفا، فهبطت إلى الوادي تطلب الماء، فلمّا غاب عنها إسماعيل عليه السلام عادت حتّى بلغت الصفا، فنظرت إلى إسماعيل، حتّى فعلت ذلك سبع مرّات، فلمّا كانت في الشوط السابع وهي على المروة، نظرت إلى إسماعيل عليه السلام وقد ظهر الماء من تحت رجليه، فعدت ۳ حتّى جمعت حوله رملاً، لأنّه كان سائلاً، فزمّته ۴ بما جمعت حوله من الرمل، فلذلك سميت: زمزم.
وكانت جرهم نازلة بذي المجاز ۵ وعرفات، فلمّا ظهر الماء بمكّة عكفت الطير والوحش على الماء [فنظرت جرهم إلى تعكّف الطير والوحش ] ۶ في ذلك المكان، فتبعوها ۷ حتّى نظروا إلى إمرأة وصبيّ نازلين في موضع البيت، قد استظلوا بشجرة، وقد ظهر لهم الماء، فقالوا لهاجر: من أنت؟ وما شأنك وشأن الصبي؟
قالت: أنا اُمّ ولد إبراهيم خليل الرحمن، وهذا ابنه، أمره اللَّه أن ينزلنا هاهنا.
قالوا لها: فتأذني ۸ أن نكون بالقرب منكما، فنشرب من هذا الماء؟
فقالت: لا أدري، حتّى يرجع إبراهيم.
فلمّا زارهما إبراهيم عليه السلام يوم الثالث، قالت له: إنّ هاهنا قوما يسألونك أن تأذن لهم حتّى يكونوا بالقرب من الماء، أ فتأذن لهم؟

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.إبراهيم (۱۴): ۳۷.

3.كذا في النسخ. والعبارة في «ط» هكذا: «في موضع المسعى، ونادت».

4.في البرهان: «فعادت»، وعدت: أي ركضت.

5.زمّته: شدّته وحجزته بما جعلت حوله من الرمل.

6.ذو المجاز: موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب. معجم البلدان، ج ۵، ص ۵۵.

7.في بعض النسخ: «فأتبعتها».

8.في «ط»: «فقالوا لها: أيّها المباركة أ فتأذني...».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81844
صفحه از 611
پرینت  ارسال به