منكم ملكين حتّى أُهبطهما إلى الأرض، وأجعل فيهما من طبائع بني آدم: المطعم والمشرب والحرص والشهوة والأمل مثلما جعلته في ولد آدم، ثمّ أختبرهما في الطاعة لي.
قال: فندبوا لذلك هاروت وماروت، وكانا ۱ من أشدّ الملائكة معابة لبني آدم، فأوحى اللَّه إليهما: أن اهبطا إلى الأرض، فقد جعلت فيكما ما جعلته في ولد آدم، ثمّ أوحى اللَّه إليهما: اُنظرا ألاّ تشركا بي شيئاً، ولا تقتلا النفس التي حرّمت، ولا تزنيا، ولا تشربا الخمر.
قال: ثمّ كشف عن السماوات السبع ليريهما قدرته، ثمّ أهبطهما إلى الأرض في صورة البشر ولباسهم، فهبطا ناحية بابل، فرفع ۲ لهما بناء قصر ۳ ، فأقبلا نحوه، فإذا بحضرته إمرأة جميلة حسناء مزيّنة عطرة مسفرة مقبلة نحوهما، قال: فلمّا نظرا إليها وناطقاها وتأمّلاها، وقعت في قلوبهما موقعاً شديداً ۴ ، فراوداها عن نفسها، فقالت لهما: إنّ لي ديناً أدين به، ولست أقدر - في ديني - على أن أجيبكما إلى ما تريدان إلّا أن تدخلا في ديني.
فقالا لها: وما دينك؟
قالت:[ لي] ۵ إلهٌ، من عبده وسجد له كان السبيل إلى أن أُجيبه إلى كلّ ما سألني.
فقالا لها: وما إلهك؟
قالت: إلهي هذا الصنم.
قال: فنظر أحدهما إلى صاحبه، فقال: هاتان خصلتان ممّا نهانا عنهما: الشرك والزنا ۶ ، فغلبتهما الشهوة التي جعلت فيهما، فقالا لها: فإنّا نجيبك ما سألت.
1.ما بين المعقوفتين من الأصل.
2.في «ص»: «فكانا».
3.كذا في «ص» و «ق». وفي هامش «ص»:في نسخة: «فوقع».
4.في الأصل: «مشرف». وفي «ط»: «مشرق».
5.في الأصل زيادة: «لموقع الشهوة التي جعلت فيهما، فرجعا إليها رجوع فتنة وخذلان».
6.في الأصل زيادة: «لأنّا إن سجدنا لهذا الصنم وعبدناه أشركنا باللَّه، وإنّما نشرك باللَّه لنصل إلى الزنا، وهو ذا نحن نطلب الزنا، وليس نخطأ إلّا بالشرك. فائتمرا بينهما.