في فلاة من الأرض، وقد أحببت أن أعبد إله الملك. فأبلغوا كلامه الملك، فقال: أدخلوه إلى بيت الآلهة. فأدخلوه، فمكث سنة مع صاحبيه، فقال لهما: بهذا ينتقل قوم من دين إلى دين، بالخرق؟ ۱ ألا رفقتما بهم؟! ثمّ قال لهما: لا تقرّان بمعرفتي ما دمت أدخل على الملك.
ثمّ اُدخل على الملك، فقال له الملك: بلغني أنّك كنت تعبد إلهي، ولم أرك، وأنت أخي، فسلني حاجتك.
قال: مالي من حاجة - أيّها الملك - ولكنّي رأيت رجلين في بيت الآلهة، فما بالهما؟
قال الملك: هذان رجلان أتياني يضلّاني عن ديني ۲ ، ويدعواني إلى إله السماوات.
فقال: أيّها الملك، مناظرة جميلة، فإن يكن الحقّ لهما اتبعناهما، وإن يكن الحقّ لنا دخلا معنا في ديننا، فكان لهما مالنا، وعليهما ما علينا».
قال: «فبعث الملك إليهما، فلمّا دخلا إليه قال لهما صاحبهما: ما هذا الذي جئتما به؟ قالا: جئنا ندعو إلى عبادة اللَّه الذي خلق السماوات والأرض، ويخلق في الأرحام ما يشاء، ويصوّر كيف يشاء، وأنبت الأشجار والثمار، وأنزل القطر من السماء - قال: - فقال لهما: إلهكما - هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته - إن جئنا بأعمى، يقدر أن يردّه صحيحا ۳ ؟
قالا: إن سألناه أن يفعل فعل إن شاء.
قال: أيّها الملك، عليّ بأعمى لم يبصر شيئاً قطّ. فاُتي به، فقال: ادعوا إلهكما أن يردّ بصره هذا.
فقاما، وصلّيا ركعتين، فإذا عيناه مفتوحتان، وهو ينظر إلى السماء.
فقال: أيّها الملك، عليّ بأعمى آخر، فاُتي به، فسجد سجدة، ثمّ رفع رأسه فإذا الأعمى الآخر بصير.
فقال: أيّها الملك، حجّة بحجّة، عليّ بمقعد، فاُتي به، فقال لهما مثل ذلك.
1.الخرق: نقيض الرفق. لسان العرب، ج ۱۰، ص ۷۵ (خرق).
2.في «ب» و «ج»: «أتيا ببطلان ديني».
3.في «ب» و «ج»: «أن يردّ بصره صحيحاً».