أقول: فيه نظر؛ فإنّ المرأة لا تطهر بحيضة واحدة وطهر واحد.
ثمّ أنزل اللَّه هذه الآية، وهي آية التخيير، فقال: «يا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لازْواجِك»...الآية، فقامت اُمّ سلمة - وهي أوّل من قامت - وعانقته، وقالت: قد آخترت اللَّه ورسوله، فقمن كلّهنّ فعانقنه، وقلن مثل ذلك، فأنزل اللَّه: «تُرْجِى مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِى إِلَيْك مَنْ تَشاءُ» ۱، قال العالم عليه السلام: «من أرجى فقد طلّق، ومن آوى فقد نكح » . ۲
[الجزء الثاني والعشرون]
[ ۳۲ - ۳۳ ] قوله: «يا نِساءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ» إلى قوله: «وَأطعن اللَّه ورسولهُ» ثمّ انقطعت مخاطبتهنّ، فعطف على أهل بيت النبي صلى اللَّه عليه وآله فقال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».
أقول: في هذه الآية مبالغة وتوكيدات عظيمة، فأتى بلفظة: «إِنَّما يُرِيدُ»، وتلفّظه بما تتلفّظه (الإرادة) والكلام الذي يعين، وإزالة الرجس هو النجاسة والقذارات، وما في قوله: «أَهْلَ الْبَيْتِ» من الإختصاص، وهي بمعنى التعيين، وبلفظ التطهير ثمّ بالمصدر، وهو (تَطْهِيراً)، وهي تدلّ على العصمة بالإجماع، والإجماع حجّة. ۳
[ ۳۴ ] ثمّ عطف على نساء النبي صلى اللَّه عليه وآله، فقال: «واذْكُرْنَ ما يُتْلى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً» . ۴
1.الأحزاب (۳۳): ۵۱.
2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۴۰ - ۴۴۱، عن تفسير القمّي. روي مايقرب منه في الكافي، ج ۶، ص ۱۳۸، ح ۴ .
3.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۴۹، عن تفسير القمّي. إعلم أنّ نزول آية التطهير بشأن أهل البيت عليهم السلام من الآحاديث المتواترة التي لاينكرها إلا من أعمى اللَّه عين قلبه، وللمزيد عن مصادر أسانيدها من طرق أهل السنّة والشيعة راجع نفحات الأزهار، ج ۲۰، ص ۷۳، ح ۱۱۱. أقول: يظهر من الروايات تعدد وتكرر دعاء النبي وطلبه من اللَّه التطهير لأهل بيته، ومن هنا تنوعت الروايات الواردة في ذلك.
4.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۷۰، عن تفسير القمّي.