ثمّ قال لأصحابه: ارتحلوا، إنّا مرتحلون، فنفروا ۱ منهزمين، فلمّا أصبح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، قال لأصحابه: «لا تبرحوا». فلمّا طلعت الشمس دخلوا المدينة، وبقي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في نفر يسير. ۲
[ ۲۶ - ۲۷ ] [قوله: «وأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَ قَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ ودِيارَهُمْ وأَمْوالَهُمْ وأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيراً»]۳ فلمّا دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله المدينة واللواء معقود، أراد أن يخلع ثيابه ويغتسل من الغبار، فناداه جبرئيل: «عذيرك من محارب، واللَّه ما وضعت الملائكة لأمتها، فكيف تضع لأمتك؟ إنّ اللَّه يأمرك أن لا تصلّي العصر إلّا ببني قريظة، فإنّي متقدّمك، ومزلزل بهم حصنهم، إنّا كنا في آثار القوم نزجرهم زجراً حتّى بلغوا حمراء الأسد». ۴
فخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فاستقبله حارثة بن النعمان، فقال له: «ما الخبر، يا حارثة؟».
قال: بأبي أنت واُمّي - يا رسول اللَّه - هذا دحية الكلبي ينادي في الناس: ألا لا يصلينّ العصر أحد إلّا في بني قريظة.
فقال: «ذلك جبرئيل، اُدعوا لي عليّاً».
فجاء عليّ عليه السلام، فقال له: «ناد في الناس: لا يصلينّ أحد العصر إلّا في بني قريظة».
فجاء أمير المؤمنين عليه السلام، فنادى فيهم، فخرج الناس، فبادروا إلى بني قريظة.
و خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وأمير المؤمنين عليه السلام بين يديه مع الراية العظمى، وكان حُيي بن أخطب لمّا انهزمت قريش جاء ودخل حصن بني قريظة، وقد كان قال لكعب بن أسد: إن لم نظفر بمحمّد رجعت، فكنت معك يصيبني ما يصيبك، فرجع ودخل حصنه، فجاء أمير المؤمنين عليه السلام وأحاط بحصنهم، فأشرف عليهم كعب بن أسد من الحصن يشتمهم ويشتم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فأقبل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله على حمار، فاستقبله أمير
1.في «ط»: «ففرّوا».
2.روى نحوه في الكافي، ج ۸، ص ۲۷۷، ح ۴۲۰.
3.ما بين المعقوفتين من الأصل.
4.حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة. معجم البلدان، ج ۲، ص ۳۰۱.