393
مختصر تفسير القمّي

فلمّا بلغ أباه حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكّة، وكان رجلاً جليلاً، فأتى أبا طالب.
أقول: وقيل: بل أتى العبّاس بن عبد المطلب، وهو المشهور بين الشيعة والسنّة.
فقال: يا أبا طالب، إنّ ابني وقع عليه السبي، وبلغني أنّه صار إلى ابن أخيك، فاسأله إمّا أن يبيعه، وإمّا أن يفاديه، وإمّا أن يعتقه. فكلّم أبو طالب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «هو حرّ، فليذهب حيث شاء».
فقام حارثة فأخذ بيد زيد، فقال له: يا بنيّ، إلحق بشرفك وحسبك.
فقال زيد: لست اُفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أبداً.
فقال له أبوه: فتدع حسبك ونسبك، وتكون عبدا لقريش؟
فقال زيد: لست اُفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ما دمت حيّاً. فغضب أبوه، فقال: يا معشر قريش، اشهدوا أنّي قد برئت من زيد، وليس هو ابني ۱ .
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «يا معشر قريش، اشهدوا أنّ زيداً ابني، أرثه ويرثني». وكان زيد يدعى: زيد بن محمّد .
فلمّا هاجر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة زوّجه زينب بنت جحش، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله شديد الحبّ له، وكان إذا أبطأ عليه يأتي منزله، فأبطأ عنه يوماً، فجاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى منزله يسأل عنه، فإذا زينب بنت جحش - بنت عمّته - جالسة وسط حجرتها تسحق طيباً بفهرٍ ۲ لها، فدفع الباب ونظر إليها، وكانت جميلة حسنة، فقال: سبحان اللَّه خالق النور، وتبارك اللَّه أحسن الخالقين!
ثمّ رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى منزله، ووقعت زينب في قلبه موقعاً عجيباً، وجاء زيد إلى منزله، فأخبرته زينب بما قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فقال لها زيد: هل لك أن أطلّقك حتّى يتزوّجك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله؟ فلعلّك قد وقعتِ في قلبه .

1.في «ب» و «ج»: «فقال له أبوه: تدع حسبك ونسبك، وتكون عبدا للقرشي؟ فقال زيد: لست مفارقاً له أبداً، وأنا بري من نسبي، فقال حارثة: يا معشر قريش، إشهدوا أنّه ليس بابني وقد تبرّأت منه».

2.الفهر: الحجر قدر ما يدق به الجوز ونحوه. لسان العرب، ج ۵، ص ۶۶ (فهر).


مختصر تفسير القمّي
392

سورة الأحزاب (۳۳)

[مدنيّة، وهي ثلاث وسبعون آية]

بسم الله الرحمن الرحيم‏

[ ۴ ] قوله: «وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ».
عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «كان سبب نزول ذلك أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لمّا تزوّج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة لها، فاشترى زيد بن حارثة، وكان غلاماً حصيفاً ۱ كيّساً، فلمّا نبّئ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يوم الاثنين وأسلم عليّ يوم الثلاثاء، فنظر إلى رسول اللَّه وأمير المؤمنين عليهما السلام يصلّيان، فقال: يا أبا القاسم ما هذه الصلاة؟
قال: «هذه الصلاة الّتي أمرني اللَّه بها».

فدعاه إلى الإسلام، فأسلم وصلّى معه، وأسلمت خديجة، وخديجة أسلمت يوم نبّئ النبي قبل كلّ النساء، وكان أبو طالب دخل على رسول اللَّه ومعه جعفر، فنظر إلى رسول اللَّه و عليّ عليهما السلام بجنبه يصلّيان، فقال لجعفر: يا جعفر صلّ جناح ابن عمّك. فوقف جعفر عن يساره، فبدر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من بينهما وتقدّم ۲ ، فلمّا أسلم زيد وخديجة كان رسول اللَّه يصلّي بعليّ وجعفر وزيد وخديجة خلفهم، فسأل رسول اللَّه خديجة أن تهب له زيداً، فقالت: هو لك على أن يكون ولاءه لي.

1.الحصيف: الجيد الرأى المحكم العقل. لسان العرب، ج ۹، ص ۴۸ (حصف).

2.وأنشأ أبو طالب في ذلك يقول: إن عليّاً وجعفراً ثقتي‏ عند ملمّ الزمان والكرب‏واللَّه لا أخذل النبي ولا يخذله من بنيّ ذو حسب‏لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما أخي لاُمّي من بينهم وأبي الأمالي للشيخ الصدوق، ص ص‏۵۹۸.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82152
صفحه از 611
پرینت  ارسال به