391
مختصر تفسير القمّي

أبو فراس بن حمدان شعراً:

غنى النفس لمن يعقل‏خير من غنى المال‏
وفضل الناس في الأنفس‏ليس الفضل في الحال ۱
ثمّ رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس، ومن لم يرج الناس في شي‏ء وردّ أمره كله إلى اللَّه تعالى، استجاب اللَّه له في كلّ شي‏ء.
والناس في الدنيا على طبقات شتّى، وهم عمّال، والعمّال ثلاثة: فعامل للَّه، واللَّه لا يخيّب عامله، وعامل لنفسه، وعامل للناس. ولا يعمل ابن آدم عملاً إلّا ولذلك العمل نازع من نفسه، فإنّ كان النازع لأمر هدى، فهو من الملك، وإن كان لأمر ردىً فهو من الشيطان؛ وذلك أنّ الهوى والعقل يعتلجان في القلب، فأيّهما غلب قاد صاحبه، فالملك يوحي إلى الروح، والروح توحي إلى العقل، والعقل يستعبد الجوارح. والشيطان يوحي إلى الهوى، والهوى يوحي إلى الشهوة، والشهوة تستعبد الجوارح.
[ ۲۱ ] قوله: «وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأدْنى‏»، قال: «عذاب القبر » . ۲
[ ۲۷ ] قوله: «الجُرُزْ» يعني: الخراب.
أقول: الجرز: التي لا تنبت شيئاً.

1.في «ب» و «ج»: «وفضل الناس بالأنفس ليس الفضل بالحال». ونقله الشيخ الأميني في الغدير، ج ۳، ص ۴۱۵.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۰۰، عن تفسير القمّي .


مختصر تفسير القمّي
390

فاستعينوا باللَّه العظيم!». ۱
[ ۱۶ - ۱۷ ] قوله: «تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ»... الآية، نزلت في صلاة الليل، وروي عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «ما من حسنة إلّا لها ثواب في القرآن إلّا صلاة الليل ؛ فإنّ اللَّه لم يبيّن ثوابها لعظم خطرها عنده، فقال: «فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِىَ لَهُم مِن قُرَّةٍ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ۲، فلم يبيّنه لعظم خطره».
وروى الزهري ۳ ، قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السلام، أيّ الأعمال أفضل عند اللَّه عزّ وجلّ؟ فقال: «ما من عمل بعد معرفة اللَّه عزّ وجلّ ومعرفة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أفضل من بغض الدنيا. وإنّ لذلك شعباً كثيرة، وللمعاصي شعباً كثيرة: فأوّل ما عصي اللَّه به الكبر، وهو معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين؛ ثمّ الحرص، وهو معصية آدم وحوّاء عليهما السلام حين قال اللَّه عزّ وجلّ لهما: «فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما ولا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ» ۴ فأخذا ما كان لا حاجة بهما إليه، فدخل ذلك على ذرّيتهما إلى يوم القيامة، وذلك أنّ أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه؛ ثمّ الحسد، وهي معصية ابن آدم، حيث حسد أخاه فقتله، فتشعّب من ذلك: حبّ النساء، وحبّ الدنيا، وحبّ الرئاسة، وحبّ الراحة، وحبّ الكلام، وحبّ العلوّ والثروة، فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلهنّ في حبّ الدنيا. فقالت الأنبياء والعلماء - بعد معرفة ذلك - : حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، والدنيا دنياءان: دنيا بلاغ، ودنيا ملعونة». ۵
أقول: معصية آدم كانت ترك الأولى، لا ما يوجب الذمّ والعقاب، بخلاف معصية إبليس.
والفقر فقران: فقر مذموم وفقر محمود، فالفقر المحمود: قلّة المال والرضى عن اللَّه، والفقر المذموم: الطمع؛ قالت العلماء: إيّاكم والطمع؛ فإنّه فقر حاضر.
وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «ليس الغنى بكثرة العرض، إنّما الغنى غنى النفس»، ومنه أخذ

1.روى نحوه في تفسير القرطبي، ج ۱۷، ص ۱۴.

2.السجدة (۳۲): ۱۷.

3.هو محمّد بن مسلم بن شهاب الزهري.

4.الأعراف (۷): ۱۹.

5.رواه الكليني في الكافي، ج ۲، ص ۲۳۹، ح ۸، بإسناده، عن الزهري.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82232
صفحه از 611
پرینت  ارسال به