377
مختصر تفسير القمّي

إنّ اللَّه تبارك‏تعالى علم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند أعمالهم السيّئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنّك حسن الطلب ممّن لا يخاف الفوت» ثمّ تلا قوله: «تِلْك الدَّارُ الآْخِرَةُ»... الآية، وجعل يبكي ويقول: «ذهبت - واللَّه - الأماني عند هذه الآية».
ثمّ قال: «فاز واللَّه الأبرار، أ تدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذرّ ۱ ، كفى بخشية اللَّه علماً، وكفى بالاغترار جهلاً. يا حفص، إنّه يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلّم وعلم، وعمل بما علم، دُعي في ملكوت السماوات عظيماً، فقيل: تعلّم للَّه، وعمل للَّه، وعلم للَّه».
قلت: جعلت فداك، ما حدّ الزهد في الدنيا؟ قال: «قد حدّ اللَّه في كتابه، فقال عزّ وجلّ: «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ» ۲، إنّ أعلم الناس باللَّه أخوفهم للَّه، وأخوفهم له أعلمهم به، وأعلمهم به أزهدهم فيها».
فقال له رجل: يا ابن رسول اللَّه، أوصني. فقال: «اتّق اللَّه حيث كنت، فإنّك لا تستوحش». ۳
وقال أبو عبد اللَّه عليه السلام أيضا، في قوله: «عُلُوًّا فِى الارْضِ ولا فَساداً»، قال: «العلو: الشرف، والفساد: البناء ۴ » . ۵
[ ۸۴ ] قوله: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا» منسوخة بقوله: «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» ۶.
[ ۸۵ ] قوله: «إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآنَ لَرادُّك إِلى‏ مَعادٍ»، فإنّ العامّة رووا أنّه يوم القيامة، وأمّا الخاصّة، فرووا عن أبي جعفر عليه السلام، أنّه في الرجعة . ۷

1.الذّرّ: جمع ذرّة، وهي أصغر النمل. الصحاح، ج ۲، ص ۶۶۳ (ذرر).

2.الحديد (۵۷): ۲۳.

3.مستدرك الوسائل، ج ۳، ص ۴۶۲. وروى‏ نحوه السيّد ابن طاووس في سعد السعود، ص ۸۷ - ۸۸ .

4.في «ط»: «والفساد: النساء».

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۲۸۹ - ۲۹۰، عن تفسير القمّي.

6.الأنعام (۶): ۱۶۰.

7.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۲۹۱، عن تفسير القمّي. وروى نحوه في مختصر بصائر الدرجات، ص ۲۰۹ .


مختصر تفسير القمّي
376

فقال موسى: يا ربّ لو أبقيتني في بني إسرائيل كنت آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأقيم حدودك.
فقال اللَّه: يا ابن لاوي، لا تزدني من كلامك. وهذا ما قال موسى لقارون حين أمر الأرض أن يأخذه، فعيّره اللَّه بما قال لقارون، فعلم موسى أنّ اللَّه قد عيّره بذلك، فقال: يا ربّ، إنّ قارون قد دعاني بغيرك، ولو دعاني بك لأجبته ۱ .
فقال اللَّه: يا موسى، وعزتي وجلالي، وجودي ومجدي، وعلوّ مكاني لو أنّ قارون كما دعاك دعاني لأجبته، ولكنّه لمّا دعاك وكلته إليك. يا بن عمران، لا تجزع من الموت، فإنّي كتبت الموت على كلّ نفس، وقد مهّدت لك مهاداً لو قد وردت عليه لقرّت عيناك.
فخرج موسى إلى ۲ جبل طور سيناء ۳ مع وصيّه، وصعد موسى عليه السلام الجبل، فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل ۴ ومسحاة، فقال له موسى: ما تريد؟.
قال: إن رجلاً من أولياء اللَّه قد توفّي، فأنا أحفر له قبراً.
فقال له موسى: ألا أعينك عليه؟
فقال: بلى.
قال: فحفر القبر، فلمّا فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر، فقال له موسى: ما تريد؟
قال: أدخل القبر، فأنظر كيف مضجعه؟
فقال له موسى: أنا أكفيك. فدخل موسى عليه السلام، فاضطجع فيه، ففتح اللَّه له باباً إلى الجنان، فقبض ملك الموت روحه، وانضمّ عليه القبر . ۵
[ ۸۳ ] قوله: «تِلْك الدَّارُ الآْخِرَةُ»...الآية، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «يا حفص، ما منزلة الدنيا ۶ من نفسي إلّا بمنزلة الميتة، إذا اضطررت إليها أكلت منها. يا حفص،

1.في «ب» و «ج»: «لو علمت انّ ذلك لك رضا لأجبته».

2.في «ب» و «ج»: «نحو».

3.كذا في النسخ، ولعلّ الصحيح إحدى الكلمتين.

4.المكتل: الزبيل الكبير. النهاية، ج ۴، ص ۱۵۰.

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۲۸۷ - ۲۸۹، عن تفسير القمّي .

6.كذا في «ط»، وهناك صور اُخرى نوردها في تفسير الآية (۲۳) من سورة الحديد (۵۷).

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82298
صفحه از 611
پرینت  ارسال به