إنّ اللَّه تباركتعالى علم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند أعمالهم السيّئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنّك حسن الطلب ممّن لا يخاف الفوت» ثمّ تلا قوله: «تِلْك الدَّارُ الآْخِرَةُ»... الآية، وجعل يبكي ويقول: «ذهبت - واللَّه - الأماني عند هذه الآية».
ثمّ قال: «فاز واللَّه الأبرار، أ تدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذرّ ۱ ، كفى بخشية اللَّه علماً، وكفى بالاغترار جهلاً. يا حفص، إنّه يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلّم وعلم، وعمل بما علم، دُعي في ملكوت السماوات عظيماً، فقيل: تعلّم للَّه، وعمل للَّه، وعلم للَّه».
قلت: جعلت فداك، ما حدّ الزهد في الدنيا؟ قال: «قد حدّ اللَّه في كتابه، فقال عزّ وجلّ: «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ» ۲، إنّ أعلم الناس باللَّه أخوفهم للَّه، وأخوفهم له أعلمهم به، وأعلمهم به أزهدهم فيها».
فقال له رجل: يا ابن رسول اللَّه، أوصني. فقال: «اتّق اللَّه حيث كنت، فإنّك لا تستوحش». ۳
وقال أبو عبد اللَّه عليه السلام أيضا، في قوله: «عُلُوًّا فِى الارْضِ ولا فَساداً»، قال: «العلو: الشرف، والفساد: البناء ۴ » . ۵
[ ۸۴ ] قوله: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا» منسوخة بقوله: «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» ۶.
[ ۸۵ ] قوله: «إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآنَ لَرادُّك إِلى مَعادٍ»، فإنّ العامّة رووا أنّه يوم القيامة، وأمّا الخاصّة، فرووا عن أبي جعفر عليه السلام، أنّه في الرجعة . ۷
1.الذّرّ: جمع ذرّة، وهي أصغر النمل. الصحاح، ج ۲، ص ۶۶۳ (ذرر).
2.الحديد (۵۷): ۲۳.
3.مستدرك الوسائل، ج ۳، ص ۴۶۲. وروى نحوه السيّد ابن طاووس في سعد السعود، ص ۸۷ - ۸۸ .
4.في «ط»: «والفساد: النساء».
5.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۲۸۹ - ۲۹۰، عن تفسير القمّي.
6.الأنعام (۶): ۱۶۰.
7.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۲۹۱، عن تفسير القمّي. وروى نحوه في مختصر بصائر الدرجات، ص ۲۰۹ .