وأمّا قوله: «ونُرِىَ فِرْعَوْنَ وهامانَ وجُنُودَهُما»...الآية، يعني الذين غصبوا آل محمّد حقوقهم، وهو مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته يوم بويع له: «ألا، وقد أهلك اللَّه فرعون وهامان وخسف بقارون...»، وإنّما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقّه، فأهلكهم اللَّه.
ثمّ رجع إلى قصّة موسى ؛ لأنّ القرآن منقطع معطوف، وإنّما أخبر اللَّه رسوله أنّ ذرّيّتك يصيبهم من الفتن في آخر الزمان والشدائد كما أصاب موسى وبني إسرائيل من فرعون، ثمّ يظهر اللَّه أمرهم على يد رجل من أهل بيتك يكون قصّته كقصّة موسى، ويكون بين الناس لا يُعرف حتّى يأذن اللَّه له، وهو قوله تعالى: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» ۱...الآية، وقد ضرب اللَّه بالحسين بن علي عليهما السلام مثلاً في بني إسرائيل بذلّتهم من أعدائهم . ۲
وعن أبي الصباح، قال: نظر أبو جعفر إلى أبي عبد اللَّه عليهما السلام، فقال: «هذا واللَّه من الذين قال اللَّه فيهم: «ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ»...الآية .
[ ۷ - ۳۲ ] قوله: «وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى»...الآية، قال: «اُلهِمَت».
قوله: «فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ»، وذلك ۳ أنّ اُمّ موسى لمّا حملت به اُمّه، ۴ لم يظهر حملها إلّا عند وضعه، وكان فرعون قد وكّل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظونهنّ، وذلك أنّه كان لمّا بلغه عن بني إسرائيل أنّهم يقولون: إنّه يولد فينا رجل يقال له: موسى بن عمران، يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده. فقال فرعون عند ذلك: لأقتلنّ ذكور أولادهم، حتّى لا يكون ما يريدون. وفرّق بين الرجال والنساء، وحبس الرجال في المحابس.
فلمّا وضعت اُمّ موسى موسى عليه السلام، نظرت إليه، وحزنت عليه، واغتمّت وبكت، وقالت: يذبح الساعة. فعطف اللَّه بقلب الموكّلة بها عليها، فقالت لاُمّ موسى: ما لك قد
1.الحجّ (۲۲): ۳۹ و۴۰.
2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۲۵۴ - ۲۵۵، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً كمال الدين وتمام النعمة، ص ۴۲۴، ح ۱ .
3.العبارة في الأصل هكذا: «عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إنّ موسى لمّا حملت به اُمّه...».
4.كذا العبارة في النسخ والظاهر زيادة: كلمة «اُمّ» أو كلمة «اُمّه».