343
مختصر تفسير القمّي

فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «و اللَّه يا عليّ، ما حبستك إلّا لنفسي، أما ترضى أن تكون أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟ و أنت وصيّي ووزيري وخليفتي في اُمّتي، تقضي ديني، وتنجز عداتي، وتتولّى غسلي، ولا يليه غيرك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي».
فاستبشر أمير المؤمنين بذلك، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أحداً من أصحابه في غزاة أو سرية، يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين، ويقول له: خُذْ ما شئت، وكُلْ ما شئت ۱ ، فكانوا يمتنعون من ذلك، حتّى ربما فسد الطعام في البيت، فأنزل اللَّه: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً» يعني: إن حضر صاحبه أو لم يحضر إذا ملكتم مفاتحه . ۲
أقول: اختلف في المراد من قوله: «مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ»، فقيل: بيت عبده، وقيل: بيت وكيله، وقيل غير ذلك، فالأكل مباح لكم، فكانوا لا يمتنعون بعد ذلك من الأكل، قال الصادق عليه السلام: «باذنٍ أو بغير إذن». ۳
قوله: «فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى‏ أَنفُسِكُمْ»، قال: «هو سلامك على أهل البيت، ثمّ يردّون عليك سلامك، فهو سلامك على نفسك، أي: سلّموا على أمثالكم في الدين». ۴
أقول: هذا مثل قوله: «فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» ۵ أي مثلكم في الدين، أي: سلّموا على أمثالكم.
[ ۶۳ ] قوله: «لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً»، قال الباقر عليه السلام: «لا ينبغي أن تدعوا رسول اللَّه باسمه كدعاء بعضكم بعضاً، ولا دعاؤه لهم كدعاء بعضهم لبعض ». ۶
وفي حديث آخر، قال: «لا تجعلوا دعاءكم له بالخير كدعاء غيره» .

1.في «ج»: «كل ما شئت وخذ ما شئت من منزلي».

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۲، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً الكافي، ج ۶، ص ۲۷۷، ح ۴.

3.وسائل الشيعة، ج ۲۴، ص ۲۸۳، ح ۳۰۵۵۰.

4.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۲، عن تفسير القمّي. وروى معناه في معاني الأخبار: ۱۶۲، ح ۱. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآية ۶۲، فراجع الأصل.

5.البقرة (۲): ۵۴.

6.روى معناه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۴، عن تفسير القمّي.


مختصر تفسير القمّي
342

قوله تعالى: «لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى‏ تَسْتَأْنِسُواْ وَ تُسَلِّمُواْ عَلَى‏ أَهْلِهَا» إنّ اللَّه تبارك وتعالى نهى أن يدخل أحد في هذه الثلاثة الأوقات على أحد، لا أب ولا اُخت ولا اُمّ ولا خادم إلّا بإذن. هذه، والأوقات: بعد طلوع الفجر، ونصف النهار، وبعد العشاء الآخرة، ثمّ أطلق بعد هذه الثلاثة الأوقات، فقال: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ» يعني : بعد هذه الثلاثة الأوقات ۱ ».
[ ۶۰ ] قوله: «وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً»، نزلت في العجائز اللاتي قد يئسن من التزويج، أن يضعن من ثيابها: ۲ النقاب وماتستتر به، وإنّما نزلت: «مِنْ ثِيابِهِنَّ»، ولو قال: ثيابهن، لتعرّين.
ثمّ قال: «وأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ» أي: لا يُظهرن زينتهنّ للرجال . ۳
[ ۶۱ ] قوله: «لَيْسَ عَلَى الاعْمى‏ حَرَجٌ ولا عَلَى الاعْرَجِ حَرَجٌ ولا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ» ۴ . ۵
قوله: «أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ» إلى قوله تعالى «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً»، فإنّها نزلت لمّا هاجر ۶ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة، وآخى بين المسلمين من المهاجرين و الأنصار، وآخى بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وبين سلمان وأبي ذر، وبين المقداد وعمار، و ترك أمير المؤمنين عليه السلام، فاغتمّ من ذلك غمّاً شديداً، فقال: «يا رسول اللَّه، بأبي أنت واُمّي، لم لا تؤاخي بيني وبين أحد؟».

1.في «ج» العبارة هكذا: «إن اللَّه تبارك وتعالى نهى أن يدخل في هذه الثلاثة الأوقات أحد على أحد، لا أب ولا اُخت ولا أم ولا خادم إلّا بإذن. ثمّ يجوز بعد هذه الأوقات الثلاثة الدخول بغير إذن».

2.كذا في النسخ، والصحيح: «ثيابهنّ».

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۰، عن تفسير القمّي.

4.في الأصل زيادة: «وذلك أنّ أهل المدينة. قبل أن يسلموا. كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض، وكانوا لا يأكلون معهم، وكان الأنصار فيهم تيه وتكرّم، فقالوا: إنّ الأعمى لا يبصر الطعام، والأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح، فعزلوا لهم طعامهم على ناحية، وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحاً، وكان الأعمى والمريض يقولون: لعلّنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم. فاعتزلوا مؤاكلتهم. فلمّا قدم النبي صلّى اللَّه عليه وآله سألوه عن ذلك، فأنزل اللَّه: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً» .

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۱، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً الكافي، ج ۶، ص ۲۷۷، ح ۵ .

6.في «ج»: «في حين هاجر».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82192
صفحه از 611
پرینت  ارسال به