فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «و اللَّه يا عليّ، ما حبستك إلّا لنفسي، أما ترضى أن تكون أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟ و أنت وصيّي ووزيري وخليفتي في اُمّتي، تقضي ديني، وتنجز عداتي، وتتولّى غسلي، ولا يليه غيرك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي».
فاستبشر أمير المؤمنين بذلك، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أحداً من أصحابه في غزاة أو سرية، يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين، ويقول له: خُذْ ما شئت، وكُلْ ما شئت ۱ ، فكانوا يمتنعون من ذلك، حتّى ربما فسد الطعام في البيت، فأنزل اللَّه: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً» يعني: إن حضر صاحبه أو لم يحضر إذا ملكتم مفاتحه . ۲
أقول: اختلف في المراد من قوله: «مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ»، فقيل: بيت عبده، وقيل: بيت وكيله، وقيل غير ذلك، فالأكل مباح لكم، فكانوا لا يمتنعون بعد ذلك من الأكل، قال الصادق عليه السلام: «باذنٍ أو بغير إذن». ۳
قوله: «فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ»، قال: «هو سلامك على أهل البيت، ثمّ يردّون عليك سلامك، فهو سلامك على نفسك، أي: سلّموا على أمثالكم في الدين». ۴
أقول: هذا مثل قوله: «فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» ۵ أي مثلكم في الدين، أي: سلّموا على أمثالكم.
[ ۶۳ ] قوله: «لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً»، قال الباقر عليه السلام: «لا ينبغي أن تدعوا رسول اللَّه باسمه كدعاء بعضكم بعضاً، ولا دعاؤه لهم كدعاء بعضهم لبعض ». ۶
وفي حديث آخر، قال: «لا تجعلوا دعاءكم له بالخير كدعاء غيره» .
1.في «ج»: «كل ما شئت وخذ ما شئت من منزلي».
2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۲، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً الكافي، ج ۶، ص ۲۷۷، ح ۴.
3.وسائل الشيعة، ج ۲۴، ص ۲۸۳، ح ۳۰۵۵۰.
4.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۲، عن تفسير القمّي. وروى معناه في معاني الأخبار: ۱۶۲، ح ۱. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآية ۶۲، فراجع الأصل.
5.البقرة (۲): ۵۴.
6.روى معناه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۱۰۴، عن تفسير القمّي.