335
مختصر تفسير القمّي

فوضعتها في الموضع الذي جلست فيه لقضاء الحاجة، ثمّ رجعت إلى الهودج وقد نسيت القلادة، فذهبت تطلبها فأبطأت، وسكنت الريح، فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بالرحيل، فرجعت إلى الرحل وقد ارتحل الناس، فقعدت على الطريق، وكان رسول اللَّه جعل على الساقة ۱ صفوان بن المعطل، فأقبل صفوان، فرأى سواداً على الطريق ۲ ، فقال: من هذا؟
قالت: أنا عائشة. فاسترجع، ثمّ قال: ما شأنك؟
قالت: نزلت لحاجة فرحل العسكر.
فنزل عن راحلته، وعصب عينيه بعمامته فقال: اركبي فركبت، فنزل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله المنزل، وفقدت ۳ عائشة، فاضطرب العسكر، فنظروا إلى صفوان قد أقبل وعائشة على راحلته، فقال لها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: ما شأنك؟
فقالت: يارسول اللَّه، كيت وكيت. فصدّقها ولم يتّهمها، وكان عبد اللَّه بن اُبيّ في العسكر، وكان يألفه أهل الحاجة ۴ والمنافقون، وكان رجلاً سخيّا بالطعام، فدخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله المدينة، وأقبل الناس يتحدّثون بخبر عائشة وتخلّفها عن العسكر، وبلغ رسول اللَّه ذلك فغمّه، فدعا أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: ما تقول فيما يقول الناس في عائشة؟
فقال: يا رسول اللَّه، أعيذك باللَّه، ما كان اللَّه ليبلي ۵ رسوله بمثل هذا.
فسأل اُمّ سلمة فقالت مثل ذلك، فنزلت هذه الآية، ونزل فيما قال أمير المؤمنين واُمّ سلمة: «لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ». ۶
وروت الخاصّة: أنّ هذه الآيات نزلت في مارية القبطية، اُمّ إبراهيم [وما رمتها به

1.للساقة الجيش: مؤخّره لسان العرب، ج ۱۰، ص ۱۶۷ (سوق).

2.في «ج»: «الجادة».

3.كذا فى النسخ، والظاهر: «افتقد».

4.أي: الفقراء والمساكين.

5.في «ب» و «ج»: «ليبلو».

6.راجع تفصيل هذه القصّة في المعجم الكبير للطبراني، ج ۲۳، ص ۱۱۸ - ۱۱۹ ولكن الصحيح هو ما سيذكره المؤلّف من أنّها نزلت فى مارية القبطية ومارمتها به بعض المنافقات، وهناك قول ذكر ابن العتائقى في هذا المختصر في تفسير الآيه (۶) من سورة الحجرات (۴۹) عن العامّة أنّ آية الإفك نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، حينما بعثه رسول اللَّه مصدّقا، وعلى تقدير أنّها نزلت في عائشة وبراءتها فإنّها لا تدلّ على مكانةٍ لها عند اللَّه، بل هي على إظهار طهارة البيت المنتسب إلى رسول اللَّه وطهارة أزواج النبيّ أظهر.


مختصر تفسير القمّي
334

فقال لها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «ويلك، إنّها لموجبة لك إن كنت كاذبة».
ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لزوجها: «اذهب ۱ ، فلا تحل لك أبداً».
فتشبث بها وقال: يا رسول اللَّه، فمالي الذي أعطيتها؟ ۲
قال: «إن كنت كاذباً فهو أبعد لك منه، وإن كنت صادقاً فهو لها بما استحللت من فرجها».
ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «إن جاءت بالولد ۳ أحمش الساقين ۴ ، أخفش ۵ العينين، جعداً ۶ ، قططاً ۷ ، فهو للأمر السيئ، وإن جاءت به أشهب ۸ أصهب ۹ ، فهو لأبيه».
فيقال: إنّها جاءت به على الأمر السيئ ۱۰ » . ۱۱
[ ۱۱ ] قوله: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالافْك عُصْبَةٌ مِنْكُمْ»...الآية، فإنّه روي أنّه لمّا رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من غزاة المريسع، كانت معه عائشة، فلمّا كان في بعض الطريق ۱۲ هاجت عليهم ريح شديدة وظلمة وصواعق، فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أن يعرسوا ۱۳ فعرسوا، وكانت عائشة في هودجها، فنزلت منه لتقضي حاجة، فتنحّت من العسكر، وكانت معها قلادة،

1.في «ب» و «ج»: «فقال لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله: أعيديها، فأعادتها أربع مرّات، ثمّ قال لها: والخامسة أنّ غضب اللَّه عليك إن كان من الصادقين فيما رماك به. ثمّ قال لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله: «ويلك، إنّها موجبة» فقالتها، فقال لزوجها: اذهب».

2.في «ب» و «ج»: «والذي أعطيتها؟».

3.في «ج»: «يعني بالولد».

4.أحمش الساقين: دقيقهما. الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۰۲ (حمش).

5.الخفش: ضعف في البصر وضيق في العين. لسان العرب، ج ۶، ص ۲۹۸ (خفش).

6.يقال جعد الشعر: إذا كان فيه التواء وتقبض. مجمع البحرين، ج ۳، ص ۲۵ (جعد).

7.شعر قطط: شديد الجعودة، ويقال القطط شعر الزنجي. مجمع البحرين، ج ۴، ص ۲۶۹ (قطط).

8.الشهبة: البياض الذي غلب عليه السواد. لسان العرب، ج ۱، ص ۵۰۸ (شهب).

9.الصهبة: الشقرة في شعر الرأس. لسان العرب، ج ۱، ص ۵۳۱ (صهب).

10.في الأصل زيادة: «فهذه لا تحلّ لزوجها أبداً، وإن جاءت بولد، لا يرثه أبوه، وميراثه لاُمّه، وإن لم يكن له اُمّ، فلإخوانه، وإن قذفه أحد، جلد حدّ القاذف».

11.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۵۰ - ۵۱، عن تفسير القمّي. و راجع أيضاً الكافي، ج ۶، ص ۱۶۳، ح ۴؛ و ۱۶۵، ح ۱۰.

12.في «ج» زيادة: «وكانوا يسيرون بالليل».

13.التعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل، يقعوك فيه وقعة للاستراحة ثمّ يرتحلون. الصحاح، ج ۳، ص ۹۴۸.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82338
صفحه از 611
پرینت  ارسال به