المسجد الحرام، فقال هشام للأبرش: تعرف هذا؟ قال: لا.
قال: هذا هو الذي تزعم الشيعة أنّه نبيّ من كثرة علمه.
فقال الأبرش: لأسألنّه عن مسائل لا يجيبني فيها ۱ إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ.
فقال هشام: وددت أنّك فعلت ذلك.
فلقي الأبرش أبا عبد اللَّه عليه السلام، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أخبرني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «أَ ولَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ والأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما» فبما كان رتقهما، وبما كان فتقهما؟
فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: يا أبرش، هو كما وصف نفسه، وكان عرشه على الماء، والماء على الهواء، والهواء لا يحدّ، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات، فلمّا أراد اللَّه أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتّى صار موجاً، ثمّ أزبد فصار زبداً واحداً، فجمعه في موضع البيت، ثمّ جعله جبلاً من زبد، ثمّ دحا الأرض من تحته، فقال اللَّه تبارك وتعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبارَكاً» ثمّ مكث الربّ تبارك وتعالى ما شاء، فلمّا أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور، حتّى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد، - من وسطه - دخان ساطع من غير نار، فخلق منه السماء، وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر وأجراها في الفلك، وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب، وكانتا مرتقتين ليس لهما أبواب، ولم يكن للأرض أبواب، وهي النبت، ولم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات، وذلك قوله تعالى: «أَ ولَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ والأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما» . ۲
فقال الأبرش: واللَّه ما حدّثني بمثل هذا الحديث أحد قط، أعد علىَّ. فأعاد عليه، وكان الأبرش ملحداً، فقال: أنا أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّك نبيّ. ۳ قالها ثلاث مرّات». ۴