على تلك الحال، وهو قول اللَّه تعالى: «وَاسْتَبَقَا الْبَابَ»...الآية».
أقول: في هذا الكلام نظر؛ فإنّه ليس مذهب أصحابنا، وإنّما هو مذهب الحشويّة؛ فإنّ الأنبياء معصومون من أوّل العمر إلى آخره مطلقاً. وفي الكلام تقديم وتأخير يأتي بيانه ۱ ، وأيضاً: قد ذكر في الآية عدّة وجوه تدلّ على خلاف ما ذكره المصنّف.
[فبادرت امرأة العزيز فقالت للعزيز: «مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» فقال يوسف للعزيز: «هِىَ رَاوَدَتْنِى عن نَفْسِى وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا» ] ۲ فألهم اللَّه يوسف أن قال للملك: سل هذا الصبي في المهد؛ فإنّه يشهد أنّها راودتني عن نفسي، فقال العزيز للصبي، فأنطق اللَّه الصبي في المهد ليوسف حتّى قال: «إِن كَانَ قَمِيصُهُ»... الآية.
[ ۲۳ ] قوله: «وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَفْسِهِ» أي: دعته، «فَاسْتَعْصَمَ» أي: امتنع.
أقول: هذا دليل على ما قلناه من أنّه لم يقع منه ما ذكره المصنّف، ويكون تقدير الكلام: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَلولا أن رأى برهان ربّه لهَمَّ بِهَا، وَلكنّه رأى برهان ربّه فلم يهَمَّ بِهَا أصلاً. ويمكن أن يكون الهمّ في طباع البشر من الميل إلى النساء، لكن لم يقع منه عزم على الزنا بها.
وفي الخبر: أنّه ما أمسى يوسف في ذلك اليوم ۳ الذي رأته النساء فيه، حتّى بعثت إليه كلّ امرأة رأته تدعوه إلى نفسها، فضجر يوسف، فقال: «رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ».
أقول: «أحبّ» ليس من أفعال التفضيل. ۴
[ ۳۶ ] قوله: «إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ»، قال: «كان يقوم على المريض، ويلتمس