215
مختصر تفسير القمّي

الاغتمام لك، ولولا هول المطّلع لأحببت أن أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك، وما قلت لهم؟] ۱ ثمّ رفع يده فقال: اللّهم إنّك فرضت لك عليه حقوقاً، وفرضت لي عليه حقوقاً، فإنّي قد وهبت له ما فرضت لي عليه من حقوقي، فهب له ما فرضت عليه من حقوقك، فإنّك أولى بالحقّ وأكرم منّي ۲ . وقد ذكرنا خبره. ۳
وكان مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بتبوك رجل يقال له: المضرّب ۴ ، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «عدّ لي أهل العسكر» فعدّهم، فقال: إنّهم خمسة وعشرون ألف رجل سوى العبيد والتبّاع. فقال: «عدّ المؤمنين». فعدّهم فقال: هم خمسة وعشرون رجلاً. يعني من كلّ ألف رجل: واحد.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال بينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في بعض أسفاره، إذ لقيه ركب، فقالوا: السلام عليك، فقال: من أنتم؟ قالوا: قوم مؤمنون، قال: وما علامة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء اللَّه، والتفويض والتسليم لأمر اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: علماء، حكماء، كادوا من العلم ۵ أن يكونوا أنبياء؛ فإنّ كنتم كما تقولون، فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتّقوا اللَّه الذي إليه ترجعون».
ثمّ بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله السرايا وهو مقيم بتبوك، فلمّا بلغهم خبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله تنحّوا وتفرّقوا، وكان هرقل قد بعث مقدّمته إلى البلقاء في خيل كثير، فلمّا بلغهم نزول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بتبوك هالهم ودخلهم الرعب ورجعوا إلى حمص. وبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى هرقل وكتب إليه: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، من محمّد رسول اللَّه إلى هرقل عظيم الروم. أمّا بعد، فأسلم تسلم، وإن لم تفعل كان عليك جرم أهل مملكتك، وسيحكم اللَّه عليك، فاستعدّ للمحاربة ۶ ». ۷

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ب» و «ج»: «فإنّك أولى بالكرم والجود مني».

3.راجع تفسير الآيات (۸۴ - ۸۵) من سورة البقرة.

4.في الأصل زيادة: «من كثرة ضرباته التي أصابته ببدر و اُحد».

5.في «ب» و «ج»: «من الحكمة».

6.كذا في «ب» و «ج». وفي «أ»: «ملتك ونستحكم اللَّه عليك، فاستحكم للمحاربة».

7.اُنظر: نصّ كتاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله في بحار الأنوار، ج ۲۰، ص ۳۸۶.


مختصر تفسير القمّي
214

في بعض الطريق لحق بعمرو بن وهب، فاصطحبا، فلمّا كان قريباً من تبوك قال: يا عمرو، إنّ لي ذنباً فتأخّر عنّي حتّى ألحق برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فتأخّر عنه، فنظر الناس إلى راكب على الطريق، فأخبروا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بذلك، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «كن أبا خيثمة» فأقبل أبو خيثمة فأخبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بما كان منه، فجزاه خيراً ودعا له.
وكان أبوذرّ رحمه اللَّه عليه تخلّف عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ثلاثة أيّام، وذلك أنّ جمله كان أعجفاً ۱ ، فتخلّف ليعلفه، ثمّ خرج فلحق برسول اللَّه بعد ثلاثة أيّام، وكان جمله قد وقف عليه في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره، فلمّا ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «كن أبا ذرّ» فلمّا ظهر، قالوا: هو أبوذرّ. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «أدركوه بالماء فإنّه عطشان» فأدركوه بالماء، و وافى أبوذرّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ومعه إداوة ۲ فيها ماء، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «يا أبا ذرّ، معك ماء وعطشت؟!» قال: نعم يا رسول اللَّه، بأبي أنت واُمّي، انتهيت إلى صخرة عليها ماء السماء فذقته، فإذا هو عذب بارد، فقلت: لا أشربه حتّى يشرب حبيبي رسول اللَّه.
فقال رسول اللَّه: «يا أبا ذرّ - رحمك اللَّه - تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك، وتدخل الجنّة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق، يتولّون غسلك وتجهيزك والصلاة عليك ودفنك».
فلمّا سيّره عثمان إلى الربذة، كان له ابناً يقال له: ذرّ، فمات إبنه ذرّ بالربذة، فوقف على قبره، وقال: رحمك اللَّه - يا ذرّ - لقد كنت كريم الخلق، بارّاً بالوالدين‏[ وما علىَّ في موتك من غضاضة ۳ ، وما بي إلى غير اللَّه من حاجة، وقد شغلني الاهتمام بك عن

1.الأعجف: المهزول. الصحاح، ج ۴، ص ۱۳۹۹ (عجف).

2.الإداوة: المطهرة. الصحاح، ج ۶، ص ۲۲۶۶ (أدا).

3.الغضاضة: الذلّة والمنقصة. القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۵۱ (غاض).

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82013
صفحه از 611
پرینت  ارسال به