المدينة، وأقبلوا يرجفون برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
وجاء البكّاءون إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وهو بثنية الوداع، وهم سبعة من بني عمرو بن عوف، منهم: سالم بن عمير، قد شهد بدراً، لا اختلاف فيه، ومن بني واقف: هرمي بن عمير ۱ ، ومن بني حارثة: عليّة بن زيد ۲ ، وهو الذي تصدّق بعرضه ۳ [وذلك أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أمر بصدقة، فجعل الناس يأتون بها، فجاء عليّة] ۴ فقال: يا رسول اللَّه، واللَّه ما عندي ما أتصدّق به، وقد جعلت عرضي حلاًّ. فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «قد قبل اللَّه صدقتك».
ومن بني مازن بن النجار: أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، ومن بني سلمة: عمرو بن غنمة، ومن بني زريق: سلمة بن صخر ۵ ، ومن بني سليم [ ابن منصور] ۶ : العرباض بن سارية السلمي.
فجاءوا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يبكون [فقالوا: يا رسول اللَّه، ليس بنا قوّة أن نخرج معك]. ۷ فأنزل اللَّه فيهم: «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى»...الآية، والمستأذنون ثمانون رجلاً، قال: [وإنّما سألوا هؤلاء البكّاؤن نعلاً يلبسونها]». ۸
وتخلّف عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قوم من أهل الثبات والبصائر، لم يكن تخلّفهم شكّاً ولا ارتياباً، ولكنّهم قالوا: نلحق برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، منهم: أبو خيثمة ۹ ، ركب راحلته، فلمّا كان
1.ما بين المعقوفتين من الأصل.
2.اُنظر: الاختلاف في اسمه ولقبه في المحبّر، ص ۲۸۱؛ اُسد الغابة، ج ۵، ص ۵۸؛ الإصابة، ج ۳، ص ۶۰۱، ۶۱۵.
3.في «ط»: «ومن بني جارية علية بن يزيد». والصواب ما في المتن، وهو: علبة بن زيد بن صيفي من بني حارثة، يعدّ في أهل المدينة، ترجم له في اُسد الغابة، ج ۴، ص ۱۰؛ الإصابة ۲، ص ۴۹۹، وذكرا أنّه أحد البكّائين وهو الذي تصدّق بعرضه. وفي المحبّر، ص ۲۸۱: علبة بن صيفي بن عمرو بن زيد.
4.العرض: موضع المدح والذمّ من الإنسان. وتصّدقت بعرضي: أي تصدّقت به علي من ذكرني بما يرجع إليّ عيبه. النهاية، ج ۳، ص ۲۰۹.
5.الظاهر من المحبّر، ص ۲۸۱؛ وجمهرة أنساب العرب، ص ۳۵۶؛ واُسد الغابة، ج ۲، ص ۳۳۷ أنّه ليس من بني زريق، بل من ولد الحارث بن زيد مناة، حلفاء بني بياضة.
6.أثبتناه من المحبّر، ص ۲۸۱.
7.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۸۲۴، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً الكافي، ج ۱، ص ۱۲۶، ح ۴. و ما بين المعقوفتين من تفسير القمّي.
8.وكان قويّاً، وكانت له زوجتان وعريشتان، وكانت زوجتاه قد رشتا عريشتيه، وبردتا له الماء، وهيّأتا له طعاماً، فأشرف على عريشته، فلمّا نظر إليهما، قال: لا واللَّه، ما هذا بإنصاف، رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله قد غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، قد خرج في الضحّ والريح، وقد حمل السلاح يجاهد في سبيل اللَّه، وأبو خيثمة قويّ قاعد في عريشته وامرأتين حسناوين، لا واللَّه، ما هذا بإنصاف. ثمّ أخذ ناقته فشدّ عليها رحله، و ركب داخلته... . والعريش: ما يستظلّ به. والضحّ: الشمس. الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۱۰ (عرش) و ج ۱، ص ۳۸۵ (ضحح).