195
مختصر تفسير القمّي

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «كنت أنا الأذان في الناس». ۱
وسئل عن «الْحَجِّ الأَكْبَرِ»، فقال: «إنّما سمّي الأكبر لأنّها كانت سنة حجّ فيها المسلمون والمشركون، ولم يحجّ المشركون بعد تلك السنة». ۲
[ ۴ - ۶ ] قوله: «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عند المسجد الحرام»... الآية، يعني: صفوان بن اُميّة وسهيل بن عمرو، وكان بين بكر وخزاعة دماء في الجاهلية، وكانت بكر تطلب خزاعة وخزاعة تطلب بكراً، فلمّا كانت غزاة الحديبيّة وقع الصلح بين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وبين قريش، فصارت خزاعة في عقد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وصارت بنو بكر في عقد قريش وعهدها فيما بغوا من سفك الدماء.
ثمّ إنّ الأسود بن زنيم الهذلي هجا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فسمعه غلام من خزاعة فشجّه، فرجع الأسود إلى بني دئل، فدخلوا مكّة واستنفروا قريشاً وحدّثوهم الخبر، فخرجوا معهم بالسلاح حتّى وافوا خزاعة على ماء يقال له: الوتير، وخزاعة غارّون، ۳ فوضعوا فيهم السيف، فانهزمت خزاعة، وقد كانوا دخلوا في الإسلام، فما زالوا يقاتلوهم حتّى أدخلوهم الحرم، فدخلت خزاعة دار زيد بن ورقاء الخزاعي، كان مسكنه بمكّة، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد رأى في منامه: أنّ اُحُداً قد انقطع فرقتين، فوقع أحد فرقتيه على شحيمة - وشحيمة جبل بالمدينة - وكأنّ كلباً منزوع الأنياب دخل المدينة يعوم في سككها، ثمّ خرج، وكأنّ جرادة خرجت من المدينة، وكأنّ جراباً فيه دماً.
فقالوا: يارسول اللَّه، وما تأويل ذلك؟
قال: «أمّا إنقطاع اُحُد، فهي الهدنة التي بيننا وبين قريش، يحدثون حدثاً يقطع الهدنة التي بيننا وبينهم.
وأمّا وقوع أحَد فرقتيه على شحيمة، فيسمح اللَّه إليّ أمري فيهم.
وأمّا الكلب المنزوع الأنياب، فهو أبو سفيان، يريد أن يخدعنا، ويخرجه اللَّه من

1.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۳۲، عن تفسير القمّي. وروى نحوه في معاني الأخبار، ص ۵۹، ح ۹؛ وعلل الشرائع، ص ۴۴۲، ح ۱ باب ۱۸۸.

2.أورد نحوه الصدوق في علل الشرائع، ص ۴۴۲، ذيل ح ۱ من الباب ۱۸۸.

3.الغارّ: المأخوذ على الغرّة، وهي الغفلة.


مختصر تفسير القمّي
194

عليه عدوّه، لقوله: «فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ» ۱...الآية، حتّى نزلت عليه براءة، فأمره اللَّه بقتال المشركين، من اعتزله ومن لم يعتزله، إلّا من كان قد عاهدهم إلى مدّة، أو قوماً كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أجّلهم في الإسلام يوم فتح مكّة، منهم: صفوان بن اُميّة وسهيل بن عمرو، وأجّل اللَّه المشركين الذين حضروا الموسم في تلك السنة أربعة أشهر من يوم النحر حتّى يرجعوا إلى منازلهم ومحالّهم. فلمّا نزلت: «بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ»... الآيات من أوّل براءة، دفعها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى أبي بكر، وأمره أن يخرج إلى مكّة ويقرأها على الناس بمنى في يوم النحر، فلمّا خرج، نزل جبرئيل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقال: يا محمّد، لا يؤدّي عنك إلّا رجل منك. فبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام فلحق أبا بكر بالروحاء ۲ ، فأخذ منه الآيات، فرجع أبو بكر وقال: أ أنزل اللَّه فيّ شي‏ء؟ قال: إنّ اللَّه أمرني أن لا يؤدّي عني إلّا رجل منّي. ۳
فوافى‏ بها أمير المؤمنين عليه السلام وقام في الناس في منى ۴ ، وقال: يا أيّها الناس، إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أمرني عن اللَّه تعالى: أن لا يطوف بالبيت عريان، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام، وقرأ ۵ عليهم صدر براءة». ۶
[ ۳ ] وقوله: «يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ»، قال الصادق عليه السلام: «هو يوم النحر». فقيل له: إنّ ابن عبّاس يقول: إنّه يوم عرفة، فقال: «لو كان يوم عرفة، لكان يكون أربعة أشهر إلّا يوماً». ۷
[ ۱ ] قوله: «وَأَذَانٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ»، قال زين العابدين عليهما السلام: «الأذان: أمير المؤمنين عليه السلام». ۸

1.النساء (۴): ۹۰.

2.الروحاء: موضع بين مكّة والمدينة، على ثلاثين أو أربعين ميلاً من المدينة.

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۲۹، عن تفسير القمّي. وراجع تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۷۳، ح ۴.

4.في «ب» و «ج»: «في الحجّ».

5.في «ص»: «وأقرأ».

6.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۲۹، عن تفسير القمّي.

7.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۳۲، عن تفسير القمّي. وروى نحوه في معاني الأخبار، ص ۲۹۶، ح ۵.

8.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۳۲، عن تفسير القمّي. وروى نحوه في معاني الأخبار، ص ۲۹۷، ح ۱ و۲.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82221
صفحه از 611
پرینت  ارسال به