وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «كنت أنا الأذان في الناس». ۱
وسئل عن «الْحَجِّ الأَكْبَرِ»، فقال: «إنّما سمّي الأكبر لأنّها كانت سنة حجّ فيها المسلمون والمشركون، ولم يحجّ المشركون بعد تلك السنة». ۲
[ ۴ - ۶ ] قوله: «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عند المسجد الحرام»... الآية، يعني: صفوان بن اُميّة وسهيل بن عمرو، وكان بين بكر وخزاعة دماء في الجاهلية، وكانت بكر تطلب خزاعة وخزاعة تطلب بكراً، فلمّا كانت غزاة الحديبيّة وقع الصلح بين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وبين قريش، فصارت خزاعة في عقد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وصارت بنو بكر في عقد قريش وعهدها فيما بغوا من سفك الدماء.
ثمّ إنّ الأسود بن زنيم الهذلي هجا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فسمعه غلام من خزاعة فشجّه، فرجع الأسود إلى بني دئل، فدخلوا مكّة واستنفروا قريشاً وحدّثوهم الخبر، فخرجوا معهم بالسلاح حتّى وافوا خزاعة على ماء يقال له: الوتير، وخزاعة غارّون، ۳ فوضعوا فيهم السيف، فانهزمت خزاعة، وقد كانوا دخلوا في الإسلام، فما زالوا يقاتلوهم حتّى أدخلوهم الحرم، فدخلت خزاعة دار زيد بن ورقاء الخزاعي، كان مسكنه بمكّة، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد رأى في منامه: أنّ اُحُداً قد انقطع فرقتين، فوقع أحد فرقتيه على شحيمة - وشحيمة جبل بالمدينة - وكأنّ كلباً منزوع الأنياب دخل المدينة يعوم في سككها، ثمّ خرج، وكأنّ جرادة خرجت من المدينة، وكأنّ جراباً فيه دماً.
فقالوا: يارسول اللَّه، وما تأويل ذلك؟
قال: «أمّا إنقطاع اُحُد، فهي الهدنة التي بيننا وبين قريش، يحدثون حدثاً يقطع الهدنة التي بيننا وبينهم.
وأمّا وقوع أحَد فرقتيه على شحيمة، فيسمح اللَّه إليّ أمري فيهم.
وأمّا الكلب المنزوع الأنياب، فهو أبو سفيان، يريد أن يخدعنا، ويخرجه اللَّه من
1.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۳۲، عن تفسير القمّي. وروى نحوه في معاني الأخبار، ص ۵۹، ح ۹؛ وعلل الشرائع، ص ۴۴۲، ح ۱ باب ۱۸۸.
2.أورد نحوه الصدوق في علل الشرائع، ص ۴۴۲، ذيل ح ۱ من الباب ۱۸۸.
3.الغارّ: المأخوذ على الغرّة، وهي الغفلة.