189
مختصر تفسير القمّي

[فلمّا أخذوا مجلسهم‏] ۱ قال أبو جهل: إنّ محمّداً شتّت جمعنا ۲ ، وسفّه أحلامنا، وأفسد شبابنا، وفرّق جماعتنا، وزعم أن من مضى من أسلافنا في النار، وقد رأيت أن ندسّ إليه رجلاً منّا ليقتله، فإن طلبت بنو هاشم بدمه ۳ أعطيناهم عشر ديات.
قال إبليس: هذا رأي خبيث؛ لأنّ قاتل محمّد مقتول لا محالة ۴ .
قال آخر: نحبسه في بيت ونلقي إليه قوته وننتظر به ريب المنون.
فقال إبليس: هذا أخبث من الأوّل؛ لأنّ بني هاشم لا ترضى بذلك.
قال آخر منهم: لا، ولكن نخرجه من بلادنا.
قال إبليس: هذا أخبث [من الرأيين المتقدّمين‏] ۵ ؛ حيث تعمدون إلى أصبح النّاس وجهاً، وأنطقهم لساناً، وأفصحهم لهجةً [فتحملونه إلى بوادي العرب‏] ۶ فيخدعهم بسحره ولسانه، فلا يفجأكم ۷ إلّا وقد ملأها عليكم خيلاً ورجلاً.
فبقوا حيارى، فقال إبليس: الرأي أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجل، ويكون معهم من بني هاشم رجل، فيأخذ كلّ واحد سكّينا أو سيفاً، فيدخلون عليه فيضربونه كلّهم ضربة واحدة، حتّى يتفرّق دمه في قريش كلّها، فلن تستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، وقد شاركوا فيه.
فقالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي.
ونزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فأخبره بذلك، ۸ وكان معهم من بني هاشم أبو

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ب»: «سبّ آلهتنا».

3.في «ط»: «بدمه».

4.العبارة في الأصل هكذا: «فمن ذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم، فإنّه إذا قتل محمّد تعصّبت بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة، وإنّ بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمّد على الأرض وتقع الحروب في حرمكم وتتفانوا.

5.في «ب» و «ج»: «ترون».

6.العبارة في الأصل هكذا «واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلاً فيقتلوه، وخرجوا إلى المسجد يصفّرون ويصفّقون ويطوفون بالبيت، فأنزل اللَّه: «وما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكاءً وتَصْدِيَةً»(الأنفال (۸): ۳۵) فالمكاء: التصفير، والتصدية: صفق اليدين، وهذه الآية معطوفة على قوله: «وإِذْ يَمْكُرُ بِك الَّذِينَ كَفَرُوا»، وقد كتبت بعد آيات كثيرة. فلمّا أمسى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه.


مختصر تفسير القمّي
188

جابر - ورافع بن مالك، وسعد بن عبادة [والمنذر بن عمرو، وعبد اللَّه بن رواحة] ۱ وسعد بن الربيع، وعبادة بن الصامت. ومن الأوس ثلاثة، وهم: أبو الهيثم بن التيهان، وأسيد بن حضير ۲ ، وسعد بن خيثمة.
فلمّا اجتمعوا وبايعوا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله صاح إبليس: يا معشر قريش والعرب، هذا محمّد والصباة من الأوس والخزرج على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم. فأسمع أهل منى، فهاجت ۳ قريش، فأقبلوا بالسلاح، وسمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله النداء، فقال للأنصار: «تفرّقوا».
فقالوا: يا رسول اللَّه، إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «لم اُؤمر بذلك».
فقالوا: اُخرج معنا؟
قال: «أنتظر أمر ربّي».
فجاءت قريش وقد أخذوا السلاح، فخرج حمزة وعليّ عليهما السلام ومعهما السلاح، فلمّا نظرت قريش إليهما، قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم عليه؟
فقال حمزة: ما اجتمعنا، وما هاهنا أحد، واللَّه لا يجوز هذه العقبة أحد إلّا ضربته بسيفي.
فرجعوا واجتمعوا في دار الندوة، وكان لا يدخل في دار الندوة إلّا من قد أتى عليه أربعون سنة فصاعداً، فدخل أربعون رجلا من أشراف قريش، فجاءهم إبليس في صورة شيخ كبير، ۴ فقال له البوّاب: من أنت؟
فقال: شيخ من نجد، لا تعدمون منّي رأياً صائباً ۵ ، فأدخل.

1.ما بين المعقوفتين لم يرد في «أ».

2.في «ط»: «أسيد بن حصين»، وفي «ق»: «أسد بن حصين»، وكلاهما تصحيف، والصواب ما في المتن، وهو معدود من النقباء الاثني عشر الذين بايعوا النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله ليلة العقبة. راجع اُسد الغابة، ج ۱، ص ۹۲؛ معجم رجال الحديث، ج ۳، ص ۲۱۲.

3.في «ط»: «وهاجت».

4.إنّ دخول إبليس دارالندوة بصورة شيخ من نجد أمر غريب، وقد فصّلنا الحديث عنه في التعليق على‏ تفسير القمّي في هذا الموضع، فراجع.

5.في «ب»: «صليباً».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82341
صفحه از 611
پرینت  ارسال به