187
مختصر تفسير القمّي

أبي لبابة كان في حرب الخندق والأحزاب، وكان يجب أن يكتب خبره في سورة الأحزاب، فقد كتب نصفه في سورة الانفال في أخبار بدر ونصفه في سورة براءة مع ما أنزل اللَّه في آخر النبوّة، فهذا دليل ۱ على أن التأليف على خلاف ما أنزل اللَّه. ۲
[ ۳۰ ] قوله: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ» كان سبب نزولها: أنّه لمّا كان الأوس والخزرج بمكّة جاءهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقال لهم: «تمنعون لي جانبيّ حتّى أتلو عليكم كتاب اللَّه، وثوابكم على اللَّه الجنّة؟»
فقالوا: نعم.
فقال لهم: «موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق».
فحجّوا ورجعوا إلى منى ۳ ، فلمّا اجتمعوا قال لهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ما قال أوّلاً، فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد اللَّه بن حرام: نعم يا رسول اللَّه، إشترط لربّك ولنفسك ما شئت.
فقال: «أمّا ما أشترط لربّي فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وما أشترط لنفسي أن تمنعوني ما ۴ تمنعون أنفسكم، وتمنعوا أهلي ممّا تمنعون أهليكم وأولادكم».
فقالوا: فما لنا على ذلك؟
قال: «الجنّة، وتملكون بها العرب، وتدين لكم العجم في الدنيا، وتكونون ملوكاً في الجنّة».
فقالوا: رضينا.
فقال: «أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيباً، يشهدون عليكم بذلك، كما أخذ موسى [من بني إسرائيل‏] ۵ اثني عشر نقيباً».
فقالوا: اختر من شئت، فأشار جبرئيل إليهم، فقال: هذا نقيب، وهذا نقيب، حتّى عدّ تسعة من الخزرج، وهم: سعد بن زرارة، والبراء بن معرور، وعبد اللَّه بن حرام - أبو

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ص» و «ق»: «الدليل».

3.لم يذكر المؤلّف تفسير الآية ۲۹، فراجع الأصل.

4.في «ب»: «فجاء السبعون».

5.كذا في النسخ، والصحيح: «بما».


مختصر تفسير القمّي
186

معي بضائع لقريش، افتأذن لي أن أردّها. فأذن له، فردّها. ۱
وجاء وهب بن عمير ۲ - وكان مشركاً ۳ - إلى المدينة ليقتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فعرّفه اللَّه خبر عمير، ۴ فأخذه وقال له: جئتنا لكذا وكذا، فأقّر ۵ ، ثمّ قال: ادع اللَّه أن يحوّل ما كنت فيه من عداوتك حبّاً، فقال: «اللّهم حوّل ما فيه من عداوته حبّاً، اللّهم ثبّته، اللّهم ثبّته». ۶
[ ۶۳ ] قوله: «وَألَّف بَيْنَ قلوبهمْ» يعني: بين الأوس والخزرج، وما كان بينهم من العداوة والحروب . ۷
[ ۲۷ ] قوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَتَخُونُوا اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أمّانَاتِكُمْ»، نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ۸ ، حين وجّهه رسول اللَّه إلى بني قريظة، فقالوا: يا أبا لبابة ماترى، ننزل على حكم محمّد؟ فقال لهم: إنزلوا، واعلموا أنّه الذبح، وأشار بيده إلى حلقه. ثمّ ندم وقال: خنت اللَّه ورسوله، ونزل من عندهم، وجاء إلى رسول اللَّه، وشدّ في عنقه حبلاً وشدّه إلى الإسطوانة التي تسمّى إسطوانة التوبة، حتّى تاب اللَّه عليه، وإنّما كان هذا لمّا رجع النبيّ من غزاة الخندق وغزا بني قريظة في سنة خمس من الهجرة، وكتبت في هذه الآية في خبر غزاة بدر، و غزاة بدر كانت على رأس ستّة عشر شهراً من الهجرة، وتمام خبر أبي لبابة كتبت في سورة التوبة، في قوله: «وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ» ۹... الآية، حيث نزلت في أبي لبابة. وسورة التوبة نزلت في آخر النبوّة، في سنة تسع، فخبر

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ۱۴، ص ۱۹۵. وراجع نحوه في الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي، ج ۱، ص ۶۶.

2.وهو وهب بن عمير بن وهب الجمحي.

3.في «ب»: «شجاعاً».

4.كذا في النسخ، والصحيح: «ابن عمير» أو «خبره».

5.في «ب»: «فأسلم».

6.في اُسد الغابة لابن الأثير الجزري، ج ۵، ص ۹۷، ما نصّه: «(ب د ع) وهب بن عمير القرشي الجمحي، وهو وهب بن عمير بن وهب الجمحي، تقدّم ذكره في ترجمة أبيه، فإنّ أباه هو الذي أرسله صفوان بن اُمية بن خلف ليقتل النبي صلّى اللَّه عليه وآله بعد بدر، وكان هذا وهب قد شهد بدراً مع المشركين، وقد ذكرنا قصّته عند ذكر أبيه، وأسلم وأرسله النبي صلّى اللَّه عليه وآله يوم الفتح إلى صفوان بن اُميّة الجمحي يؤمّنه ويدعوه إلى الإسلام، وكان قد هرب يوم الفتح من النبي صلّى اللَّه عليه وآله، والقصّة مذكورة في صفوان، ومات وهب بالشام مجاهداً، أخرجه الثلاثة».

7.لم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۱۳ - ۲۶، فراجع الأصل.

8.في «ص»: «عبد اللَّه المنذر».

9.التوبة (۹): ۱۰۲ - ۱۰۴.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82340
صفحه از 611
پرینت  ارسال به