ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «حنّ قدح ليس منها» ۱، وهذا مثل كانت العرب إذا شكوا في نسب رجل ضربوا القداح ؛ فإنّ خرج منهم أثبتوه، وإن لم يخرج منهم قالوا: حنّ قدح ليس منها.
فلمّا فتح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله مكّة كان يطوف بالبيت، فجاءت اُخت النضر ۲ ، فأخذت بثوب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وأنشأت تقول:
يا راكباً إنّ الأثيل مظنّةمن صبح خامسة وأنت موفّق
أبلغ بها ميتاً بأنّ ۳ تحيّةما إن تزال ۴ بها الركائب تخفق
منّي إليه وعبرة مسفوحة ۵جادت بواكفها ۶ واُخرى تخنق
هل يسمعنّ ۷ النضر إن ناديتهأم كيف يسمع ميّت أو ينطق
ظلّت سيوف بني أبيه تنوشهللَّه أرحام هناك تمزّق
قسراً يقاد إلى المنيّة متعباًرسف ۸ المقيّد وهو عانٍ موثّق
أمحمّد ولأنت نجل نجيبةفي قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرّك لو مننت وربّمامنّ الفتى وهو المغيط المحنق
فالنضر أقرب من أسرت ۹ قرابةوأحقّهم إن كان عتق يعتق
لو كنت قابل فدية لفديتهبأعزّ ما يفدى به من يعتق ۱۰
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «ما قتلته حتّى أمرني ربّي ۱۱ بقتله».
فلمّا قتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله النضر وعقبة، خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلّهم، فقاموا
1.حنّ: صوّت. والقدح بالكسر: السهم. وإذا كان سهم يخالف السهام كان له عند الرمي صوت يخالف أصواتها، وهذا مثل يضرب لمن يفتخر بقوم ليس منهم.
2.وهي قتيلة بنت الحارث - اُخت النضر بن الحارث - كذا قال ابن هشام. وقال السهيلي: الصحيح أنّها بنت النضر لا اُخته؛ كذا وقع في كتاب الدلائل.
3.في «ب» و «ج»: «هناك».
4.في «ب» و «ج»: «تراك».
5.في «ب» و «ج»: «مهراقة».
6.في «ب» و «ج»: «بماتحها».
7.في «ب» و «ج»: «ولتسمعنّ».
8.في «ب» و «ج»: «رقل».
9.في «ب» و «ج»: «قتلت».
10.كذا في «ب» و «ج». و في «أ» «بأعز ما يفدى به ما ينفق».
11.في «ب» و «ج»: «جبرئيل».