183
مختصر تفسير القمّي

ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «حنّ قدح ليس منها» ۱، وهذا مثل كانت العرب إذا شكوا في نسب رجل ضربوا القداح ؛ فإنّ خرج منهم أثبتوه، وإن لم يخرج منهم قالوا: حنّ قدح ليس منها.
فلمّا فتح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله مكّة كان يطوف بالبيت، فجاءت اُخت النضر ۲ ، فأخذت بثوب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وأنشأت تقول:

يا راكباً إنّ الأثيل مظنّةمن صبح خامسة وأنت موفّق‏
أبلغ بها ميتاً بأنّ ۳ تحيّةما إن تزال ۴ بها الركائب تخفق‏
منّي إليه وعبرة مسفوحة ۵جادت بواكفها ۶ واُخرى تخنق‏
هل يسمعنّ ۷ النضر إن ناديته‏أم كيف يسمع ميّت أو ينطق‏
ظلّت سيوف بني أبيه تنوشه‏للَّه أرحام هناك تمزّق‏
قسراً يقاد إلى المنيّة متعباًرسف ۸ المقيّد وهو عانٍ موثّق‏
أمحمّد ولأنت نجل نجيبةفي قومها والفحل فحل معرق‏
ما كان ضرّك لو مننت وربّمامنّ الفتى وهو المغيط المحنق‏
فالنضر أقرب من أسرت ۹ قرابةوأحقّهم إن كان عتق يعتق‏
لو كنت قابل فدية لفديته‏بأعزّ ما يفدى به من يعتق ۱۰
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «ما قتلته حتّى أمرني ربّي ۱۱ بقتله».
فلمّا قتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله النضر وعقبة، خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلّهم، فقاموا

1.حنّ: صوّت. والقدح بالكسر: السهم. وإذا كان سهم يخالف السهام كان له عند الرمي صوت يخالف أصواتها، وهذا مثل يضرب لمن يفتخر بقوم ليس منهم.

2.وهي قتيلة بنت الحارث - اُخت النضر بن الحارث - كذا قال ابن هشام. وقال السهيلي: الصحيح أنّها بنت النضر لا اُخته؛ كذا وقع في كتاب الدلائل.

3.في «ب» و «ج»: «هناك».

4.في «ب» و «ج»: «تراك».

5.في «ب» و «ج»: «مهراقة».

6.في «ب» و «ج»: «بماتحها».

7.في «ب» و «ج»: «ولتسمعنّ».

8.في «ب» و «ج»: «رقل».

9.في «ب» و «ج»: «قتلت».

10.كذا في «ب» و «ج». و في «أ» «بأعز ما يفدى به ما ينفق».

11.في «ب» و «ج»: «جبرئيل».


مختصر تفسير القمّي
182

وجمعوا الأسارى وقرنوهم في الحبال، وسيقوا على أقدامهم مكتّفين مقرنين في الحبال ۱ ، وجمعوا الغنائم، ...، ۲ وجمعوا ما في عسكر قريش من السلاح والكراع، ودفن من قتل من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وهم تسعة رجال.
أقول: وقيل: هم أربعة عشر رجلاً؛ ستّة من الأنصار، والباقون من المهاجرين، منهم: سعد بن خيثمة الاوسي، وهو من النقباء الاثنى عشر.
وكانت القتلى ببدر سبعين، قتل أمير المؤمنين عليه السلام منهم سبعة وعشرين قتيل، وقيل: النصف، وهو المشهور.
وحمل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله عبيدة بن الحارث وبه رمق إلى الصفراء.
ونظر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث بن كلدة، وهما في قران واحد، فقال النضر لعقبة: إنّا مقتولان. قال عقبة: من بين قريش؟! قال: نعم، لأنّ محمّداً قد نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «يا علي، عليّ بالنضر وعقبة» وكان النضر رجلاً جميلاً عليه شعر، فجاء عليّ عليه السلام فأخذ بشعره، فجرّه إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله. فقال النضر: يا محمّد، أسألك بالرحم الذي بيني وبينك إلّا أجريتني كرجل من قريش، إن قتلتهم قتلتني، وإن فاديتهم فاديتني، وإن أطلقتهم أطلقتني. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «لا رحم بيني وبينك، قطع اللَّه الرحم بالإسلام. قدّمه يا عليّ فاضرب عنقه». فقدمه وضرب عنقه.
فقال: «قدّم عقبة». فقال عقبة: يا محمّد، ألم تقل: لا تصبر قريش! أي لا يقتلون صبراً. قال: «أ فأنت من قريش؟! [إنّما أنت علج من أهل صفورية ۳ ، لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تُدعى ۴ إليه‏] ۵ ، قال: من للصبية؟ قال: «النار». ۶

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.لم ترد «مقرنين في الحبال» في «ب» و «ج».

3.محل النقط كلمات لا تقرأ.

4.صفورية: بلدة بالأردن. القاموس المحيط، ج ۲، ص ۷۳ (صفر).

5.في «ط»: «له».

6.وهذا ما أشار إليه الإمام عليّ عليه السلام في جواب كتاب كتبه إلى معاوية بن أبي سفيان. حيث قال: «ومنا سيّدا شباب أهل الجنّة ومنكم صبية النار»، راجع: الاحتجاج للشيخ الطبرسي، ج ۱، ص ۲۵۸؛ بحار الأنوار للعلّامة المجلسي، ج ۳۳، ص ۵۷، ح ۳۹.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82375
صفحه از 611
پرینت  ارسال به