179
مختصر تفسير القمّي

عتبة وبه رمق فأجهز عليه. وحمل عبيدة بين حمزة وعلي حتّى أتيا به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فنظر إليه، فاستعبر، فقال: يا رسول اللَّه، أ لست شهيداً؟ قال: «أنت أوّل شهيد من أهل بيتي».
فقال: أما لو كان عمّك حيّ لعلم أنّي أولى بما قال منه، [قال: «و أيّ أعمامي تريد؟» ۱ قال: أبا طالب‏] ۲ حيث يقول:

كذبتم وبيت اللَّه يبزى ۳ محمّدولمّا نطاعن دونه ونناضل‏
نسلّمه حتّى نصرّع حوله‏ونذهل عن ابنائنا والحلائل‏
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي اللَّه ورسوله، وابنه الآخر في جهاد اللَّه بأرض الحبشة».
فقال: يا رسول اللَّه، أتسخط عليّ في هذه الحالة.
فقال: «ما سخطت عليك، ولكن ذكرت عمّي فانقبضت لذلك».
وجاءهم إبليس لعنه اللَّه في صورة سراقة، فقال لهم: أنا جارٌ لكم، ادفعوا إليّ رايتكم. فدفعوها إليه، وجاء بشياطينه يهوّل بهم ۴ على أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، ويخيّل إليهم ويفزعهم.
ورفع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يده إلى السماء، فقال: «يا ربّ، إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد». ثمّ أصابه الغشي، فسرى عنه وهو يسلت ۵ العرق عن وجهه، ويقول: «هذا جبرئيل قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين».
ونظر إبليس إلى جبرئيل عليه السلام، فتراجع ورمى باللواء، فأخذ منبه بن الحجّاج بمجامع ثوبه، وقال: ويلك، يا سراقة، تفتّ في أعضاد الناس؟ فركله، وقال: إنّي أرى ما لا ترون، إنّي أخاف اللَّه. وهو قوله تعالى: «وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ» إلى قوله: «شَدِيدُ الْعِقَابِ» ۶.

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ط»: «تعني».

3.يبزى: أي يقهر ويغلب، أراد: «لا يبزى»، فحذف «لا» من جواب القسم، وهي مراده، أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع. (النهاية، ج ۱، ص ۱۲۵). وفي هامش «ب»: «أي يخاطب بالخطاب السيئ».

4.في «ب»: «فهرول بهم».

5.أي يمسحه ويزيله. اُنظر: المعجم الوسيط، ج ۱، ص ۴۴۱ (سلت).

6.الأنفال (۸): ۴۸.


مختصر تفسير القمّي
178

قم ياوليد [فقام، ثمّ لبس درعه، وطلبوا له بيضة تسع رأسه، فلم يجدوها لعظم هامته، فاعتجر ۱ بعمامتين، ثمّ أخذ سيفه وتقدّم هو وأخوه وابنه، ونادى: يا محمّد، اخرج إلينا أكفّاءنا من قريش.] ۲ فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار: عوذ ۳ ومعوذ وعوف بنو عفراء، فقال عتبة: من أنتم؟ فقالوا: نحن بنو عفراء [أنصار اللَّه وأنصار رسوله. فقال: ارجعوا، فإنّا لسنا إيّاكم نريد، إنّما نريد الأكفّاء من قريش‏] ۴ وقالوا: يا محمّد اخرج إلينا أكفّاءنا من قريش، فبعث إليهم رسول اللَّه: أن ارجعوا، فرجعوا، فنظر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان له سبعون سنة، فقال له: «قم يا عبيدة». فقام بين يديه بالسيف، ثمّ نظر إلى حمزة بن عبد المطلب، فقال: «قم يا عمّ» ثمّ نظر إلى عليّ عليه السلام، فقال: «قم يا علي» وكان أصغر القوم [فقاموا بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بسيوفهم‏] ۵ وقال: «فاطلبوا بحقّكم الذي جعله اللَّه لكم»، ثمّ قال لعبيدة: «عليك بعتبة» وقال لحمزة: «عليك بشيبة» وقال لعليّ عليه السلام: «عليك بالوليد». فحمل عبيدة على عتبة، فضربه على رأسه ضربة فلق بها رأسه، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنّها ۶ وسقطا جميعاً، فحمل حمزة على شيبة [فتضاربا بالسيفين حتّى انثلما ۷ ، وكلّ واحد يتّقي بدرقته‏] ۸ وحمل أمير المؤمنين عليه السلام على الوليد بن عتبة، فضربه على حبل عاتقه، فأخرج السيف من إبطه. قال عليّ عليه السلام: فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي، فظننت أنّ السماء وقعت على الأرض.
ثمّ اعتنق حمزة وشيبة، فقال المسلمون: يا عليّ، أما ترى الكلب قد أبهر ۹ عمك؟ فحمل عليه عليّ عليه السلام، [ثمّ قال: «يا عمّ طأطئ رأسك» وكان حمزة أطول من شيبة، فأدخل حمزة رأسه في صدره‏] ۱۰ فضربه أمير المؤمنين عليه السلام على رأسه فأطنّ نصفه، ثمّ جاء إلى

1.في «ط»: «فاعتمّ».

2.ما بين المعقوفتين من الأصل.

3.في المغازي للواقدي ۱، ص ۶۸: «معاذ»، بدل «عوذ».

4.أطنّها: بترها وقطعها.

5.في «ص»: «تثلّما».

6.أبهر: أتعب وغلب.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82405
صفحه از 611
پرینت  ارسال به