145
مختصر تفسير القمّي

فاجتمعوا وتوامروا على قتله، وقعدوا له في العق‏۲۲بة - وهي عقبة هرشى ۱ ، بين الجحفة والأبواء - فأطلع اللَّه رسوله على ما قالوا، وهم أربعة عشر نفساً، فقعد سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها، لينفروا ناقة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فلمّا أقبل ودنا منهم نادى جبرائيل: يا محمّد، إنّ فلاناً وفلاناً [وفلاناً] ۲ قد قعدوا لك، وقد كان رسول اللَّه تقدّم أصحابه وحده [فنظر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله‏] ۳ فقال: من هذا خلفي؟ فقال حذيفة: أنا حذيفة.
قال: سمعت ما سمعت؟
قال: بلى.
قال: فاكتم. فدنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله منهم، فناداهم بأسمائهم، فلمّا سمعوا نداءه دخلوا في غمار الناس، وتركوا رواحلهم، ولحق الناس برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وطلبوهم، و عرفوا رواحلهم ۴ [فلمّا نزل‏] ۵ قال: ما بال أقوام تحالفوا: إن مات محمّد أو قتل ألّا يردّوا الأمر في أهل بيته ابداً؟، فجاؤوا [إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله‏] ۶ وحلفوا أنّهم لم يقولوا ذلك، فأنزل اللَّه: «يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ» وهو أن لا يردّوا هذا الأمر في آل محمّد صلى اللَّه عليه وآله «وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا» من قتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله... الآية. ۷
[ ۷۱ ] قوله: «فَعَمُوا وَصَمُّوا» أي: حيث كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بين أظهرهم «ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا» حيث قبض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأقام أمير المؤمنين عليه السلام عليهم، فعموا وصمّوا حتّى الساعة». ۸

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.كذا في الأصل. وفي «أ»: «أرسي». وهرشى - كسكرى - : عقبة بين الجحفة والابواء. راجع بحار الأنوار، ج ۳۱، ص ۶۳۲.

3.في «ب»: «وطلبهم، وعرف رواحلهم».

4.ما بين المعقوفتين من ألاصل.

5.اعلم أنّ نزول آية التبليغ في غدير خم وبشأن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وإعلام ولايته على جميع المؤمنين أشهر من الشمس في رابعة النهار، ويكفيك مؤونة البحث، كتاب عبقات الأنوار للسيّد حامد حسين اللكنهوى رحمه اللَّه عليه قسم حديث الغدير في عشرة مجلّدات.

6.روى‏ نحوه الكليني في الكافي، ج ۸، ص ۱۹۹، ح ۲۳۹؛ و العيّاشي في تفسيره، ج ۱، ص ۳۳۴، ح ۱۵۷.


مختصر تفسير القمّي
144

۱
حتّى يردا عليّ الحوض كإصبعيّ هاتين - وجمع بين سبّابتيه - . ۲
فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا: يريد محمّد أن يصيّر الإمامة في أهل بيته، فخرج منهم أربعة - أقول: قيل: هم الأوّل والثاني والثالث [أبي‏]وعبيدة بن الجرّاح - وجاؤوا إلى مكّة ودخلوا الكعبة، وكتبوا بينهم كتاباً: إن مات محمّد ۳ أو قتل، أن لا يردّوا الأمر في أهل بيته أبداً، فأنزل اللَّه على رسوله: «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً» ۴... الآية، ثمّ خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من مكّة يريد المدينة حتّى نزل غدير خمّ، فنزلت الآية: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ»، فأمر مناديه بالصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فخطب بهم، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، هل تعلمون من وليّكم؟
فقالوا: نعم، اللَّه ورسوله.
فقال: ألستم تعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا: بلى.
قال: اللهُمّ اشهد. فأعاد ذلك ثلاثاً، كلّ ذلك يقول مثل قوله الأوّل، وتقول الناس كذلك، ويقول: اللهُمّ اشهد، ثمّ أخذ بعضد أمير المؤمنين عليه السلام فرفعها حتّى بدا للناس بياض إبطيهما، وقال - وهو رافع يده - : «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحبّ من أحبّه، وأدر الحقّ مع عليّ كيفما دار».
ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللّهم اشهد، وأنا من الشاهدين».
فقال قوم من أصحابه: أيطمع محمّد أن يكون هذا الأمر في أهل بيته؟ واللَّه لئن مات لا نردّ هذا الأمر في بني هاشم، ثمّ قالوا: لئن رجع إلى المدينة ليأخذنا بالبيعة له لنقتلنّه.

1.في «ص»: «لن يتفرّقا». وفي هامش «ص» في نسخة: «يفترقا».

2.في الجمع بين سبابتيه دلالة على‏ منزلة رفيعة لأهل البيت عليهم السلام وأنّهم كالرسول صلّى اللَّه عليه وآله ، ويتّضح هذا فيما ورد عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله في مواقف اُخرى كبيان شأن كافل اليتيم حيث أنّه قال: «أنا و كافل اليتيم يوم القيامة كهاتين» وجمع بين إصعيه السبابة والوسطى‏، للدلالة على التفاضل حتى‏ عند الاقتران؛ فتأمّل ذلك.

3.في «ص» و «ق»: «إن أمات اللَّه محمّداً».

4.الزخرف (۴۳): ۷۹.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81876
صفحه از 611
پرینت  ارسال به