115
مختصر تفسير القمّي

قال: إرجعوا، فإنّ قريشاً قد وافى حلفاؤهم من الأحابيش وكنانة، وقد اجتمعوا لكم، وما أحسبكم تمشون حتّى يطلعوا عليكم.
فقال الصحابة: «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ۱.
فلمّا أصبحوا نزل جبرئيل وقال: يا محمّد، انصرف، فإنّ اللَّه قد أرعب قريشاً ومرّوا. فرجع إلى المدينة.
فسمع البكاء في دور الأنصار، فقال: «لكنّ حمزة لا بواكي له» ۲ ، فرجع الأنصار إلى أهاليهم، فأمروهم أن يبدأوا بحمزة قبل قتلاهم، فهم إلى الساعة على هذا، لا يموت أحد منهم فيندبونه حتّى يندبوا حمزة رضى اللَّه عنه.
[ ۱۶۵ ] ولمّا رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة، قال أصحابه: ما هذا الذي أصابنا، ولقد كنت ۳ تعدنا بالنصر؟
فأنزل اللَّه: «أَو لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها»... الآية، وذلك أنّه لمّا كان يوم بدر وقتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من قريش سبعين [وأسر منهم سبعين، و] ۴ كان الحكم في الأسارى: القتل، فقتل النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط، فخافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلّهم، فقاموا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فقالوا: يا رسول اللَّه، قد قتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين، فلا تقتل الأسرى، هبهم لنا حتّى نفاديهم. فنزل عليه جبرئيل، وقال: اشترط عليهم إن فادوهم أن يقتل منهم في عام قابل بعدد من ۵ يأخذون منهم الفداء. فاشترط عليهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بذلك، فقالوا: رضينا، فأباح اللَّه ذلك لهم.
فلمّا كان في يوم اُحُد، قتل من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله سبعون بشرطهم على أنفسهم، فلمّا رجعوا من اُحد، قال أصحابه: يا رسول اللَّه، ما هذا الذي أصابنا، وقد كنت تعدنا النصر؟ ونسوا ما اشترطوه، فنزلت الآية. ۶

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.آل عمران (۳): ۱۷۳.

3.في «ب» و «ج»: «غير حمزة لا نياح عليه».

4.في «ط»: «وقد كنت».

5.في «ص»: «بقدر ما».

6.رواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۹۴ - ۶۹۵، عن تفسير القمّي. و سيأتي تفصيل ذلك في قصّة حرب بدر عند تفسر أوّل سورة الأنفال رقم (۸)، فراجع.


مختصر تفسير القمّي
114

بها وتشاوروا على أن يغيروا على المدينة، وأقبل عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد يقولون: لابدّ أن نرجع ونغير ۱ على المدينة [فقد قتلنا سراتهم ۲ وكبشهم ۳ - يعنون حمزة - ]. ۴ ويأبى ذلك أبو سفيان وصفوان بن اُميّة، فبينما هم على ذلك إذ لحق بهم رجل خرج من المدينة، فسألوه عن الخبر، فقال: تركت محمّداً وأصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم أشدّ الطلب ۵ ، وخرج معه من كان تخلّف عنه، ولا أظن إلّا أوائل خيله تطلع عليكم الساعة.
فدخلهم من الرعب ما لم يملكوا معه أنفسهم، فقال صفوان بن اُميّة: هذا الشؤم، قد ظفرنا بالقوم ونلنا منهم ما أحببنا، فبغينا، واللَّه ما أفلح قطّ قوم بغوا.
ومرّوا مسرعين، لا يلوي أحد منهم على أحد، فاستقبلهم نعيم بن مسعود الأشجعي يريد المدينة، فقال أبو سفيان: يا نعيم، أين تريد؟
قال: المدينة، لأشتري لأهلي طعاماً.
قال: هل لك أن أضمن لك عشر قلائص ۶ على أن تمرّ بحمراء الأسد، وتلقى محمّداً وأصحابه وتخبرهم أنّ حلفاءنا من الأحابيش ۷ وكنانة قد وافونا، وترهبهم بذلك حتّى يرجعوا عنّا؟. فعاهده على ذلك.
ووافى نعيم غد ذلك اليوم حمراء الأسد، فرأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأصحابه وبهم ألم الجراح ۸ والألم، وهم مجدّون يشتهون طلب القوم، فقال نعيم: أين تريدون وأنتم بهذه الحال؟
قالوا: نريد قريشاً.

1.في «ط»: «فنعبر».

2.أي أشرافهم. النهاية، ج ۲، ص ۳۶۳.

3.الكبش: سيّد القوم وقائدهم. تاج العروس، ج ۴، ص ۳۴۱ (كبش).

4.ما بين المعقوفتين من الأصل. والعبارة في «أ» هكذا: «وبلغت قريش الروحاء...».

5.في «ط»: «جدّ الطلب».

6.القلائص: الشوابّ من الإبل، والنوق الطويلة القوائم. تاج العروس، ج ۴، ص ۴۲۶ (قلص).

7.الأحابيش: الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة.

8.في «أ» و «ج»: «الجراح والألم».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81906
صفحه از 611
پرینت  ارسال به