قال: إرجعوا، فإنّ قريشاً قد وافى حلفاؤهم من الأحابيش وكنانة، وقد اجتمعوا لكم، وما أحسبكم تمشون حتّى يطلعوا عليكم.
فقال الصحابة: «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ۱.
فلمّا أصبحوا نزل جبرئيل وقال: يا محمّد، انصرف، فإنّ اللَّه قد أرعب قريشاً ومرّوا. فرجع إلى المدينة.
فسمع البكاء في دور الأنصار، فقال: «لكنّ حمزة لا بواكي له» ۲ ، فرجع الأنصار إلى أهاليهم، فأمروهم أن يبدأوا بحمزة قبل قتلاهم، فهم إلى الساعة على هذا، لا يموت أحد منهم فيندبونه حتّى يندبوا حمزة رضى اللَّه عنه.
[ ۱۶۵ ] ولمّا رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة، قال أصحابه: ما هذا الذي أصابنا، ولقد كنت ۳ تعدنا بالنصر؟
فأنزل اللَّه: «أَو لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها»... الآية، وذلك أنّه لمّا كان يوم بدر وقتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من قريش سبعين [وأسر منهم سبعين، و] ۴ كان الحكم في الأسارى: القتل، فقتل النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط، فخافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلّهم، فقاموا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فقالوا: يا رسول اللَّه، قد قتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين، فلا تقتل الأسرى، هبهم لنا حتّى نفاديهم. فنزل عليه جبرئيل، وقال: اشترط عليهم إن فادوهم أن يقتل منهم في عام قابل بعدد من ۵ يأخذون منهم الفداء. فاشترط عليهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بذلك، فقالوا: رضينا، فأباح اللَّه ذلك لهم.
فلمّا كان في يوم اُحُد، قتل من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله سبعون بشرطهم على أنفسهم، فلمّا رجعوا من اُحد، قال أصحابه: يا رسول اللَّه، ما هذا الذي أصابنا، وقد كنت تعدنا النصر؟ ونسوا ما اشترطوه، فنزلت الآية. ۶
1.ما بين المعقوفتين من الأصل.
2.آل عمران (۳): ۱۷۳.
3.في «ب» و «ج»: «غير حمزة لا نياح عليه».
4.في «ط»: «وقد كنت».
5.في «ص»: «بقدر ما».
6.رواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۹۴ - ۶۹۵، عن تفسير القمّي. و سيأتي تفصيل ذلك في قصّة حرب بدر عند تفسر أوّل سورة الأنفال رقم (۸)، فراجع.