109
مختصر تفسير القمّي

وحمل خالد بن الوليد على ابن جبير وأصحابه، فقتلوهم، ووضعوا في المسلمين السيف، فانهزم أصحاب رسول اللَّه، فلمّا رأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه، وقال: «إليّ، إليّ، أنا رسول اللَّه»، فلم يرجع إليه أحد، ولم يبق مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلّا عليّ عليه السلام وأبو دجانة وهو سماك بن خرشة، فكلّما حملت طائفة على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله استقبلهم أمير المؤمنين عليه السلام ودفعهم عنه، ولم يزل يذبّ عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ويقتلهم حتّى انقطع ۱ سيفه، فأعطاه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله سيفه ذا الفقار. وبقيت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله نسيبة بنت كعب المازنية، وكانت تخرج مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في الغزوات تداوي الجرحى، وكان إبنها معها، فقتله رجل، فقتلت هي ذلك الرجل [فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «بارك اللَّه عليك يا نسيبة» وكانت تقي رسول اللَّه بصدرها ويديها ۲ حتّى أصابتها جراحات كثيرة] ۳ .
وأبلى وهب بن قابوس ذلك اليوم بلاء حسناً وقتل، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «اللهم ارحمه».
[فلم يزل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام يقاتلهم حتّى أصابته في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة] ۴ وسمع دويّ في السماء:

لا سيف إلّا ذو الفقارولا فتى إلّا عليّ‏
ونزل جبرئيل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقال: يا محمّد، هذه - واللَّه - المواساة.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: « ۵ لأنّه منّي وأنا منه».
فقال جبرئيل: وأنا منكما.
وحمل ابن قميئة على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فضربه على حبل العاتق، ونادى: قتلت محمّداً واللات والعزّى.
وكانت هند بنت عتبة في العسكر، فكلّما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلاً ومكحلة، وقالت له: إنّما أنت إمرأة فاكتحل بهذا.

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في هامش «أ»: «انكسر».

3.في الأصل زيادة: «وثدييها».

4.في «ب» زيادة: «يا أخي».


مختصر تفسير القمّي
108

حتّى أدخلناهم مكّة فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتّى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا».
وجعل أبو سفيان خالد بن الوليد كميناً ۱ في مائتي فارس، وقال لهم: إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم فاخرجوا عليهم من هذا الشِّعب. فلمّا أقبلت الخيل دفع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله رايته إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فحملت الأنصار على قريش فانهزموا، ووقع أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في سوادهم، وحمل خالد بن الوليد وأصحابه على ابن جبير، فاستقبلهم بالسهام فرجع، ونظر أصحاب ابن جبير المسلمين ينهبون سواد القوم، فأقبل ينسّل ۲ رجل فرجل حتّى أخلوا مراكزهم، وبقي ابن جبير في اثني عشر رجلاً.
وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة من بني عبد الدار، فبرز إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضربه على فخذه فقطعها، وأراد أن يجهز عليه فحلّفه بالرحم فانصرف عنه، وقال: إنّه ميّت.
ثمّ أخذ الراية سعد بن أبي طلحة، فقتله عليّ عليه السلام، فأخذ الراية عثمان بن أبي طلحة، فقتله عليّ عليه السلام، فأخذ الراية عبد اللَّه بن جميل، فقتله عليّ عليه السلام، وأخذ الراية كلاب بن طلحة، فقتله عليّ عليه السلام، فأخذ الراية أبو عزيز ۳ ، فقتله عليّ عليه السلام، فأخذ الراية مسافع بن طلحة، فقتله عليّ عليه السلام. فقتل أمير المؤمنين عليه السلام سبعة ۴ من بني عبد الدار مبارزة، فأخذ الراية مولى لهم يقال له: صمؤاب، فضربه أمير المؤمنين عليه السلام على يمينه فقطعها، وسقطت الراية إلى الأرض، فأخذها بشماله فضربه فقطعها، وسقطت الراية إلى الأرض، فاحتضنها، ثمّ قال:[يا بني عبد الدار، هل‏] ۵ أعذرت [فيما بيني وبينكم؟] ۶ فضربه علي عليه السلام على رأسه، فسقطت الراية إلى الأرض، فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثيّة [فنصبتها] ۷ .

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.الكمين - كأسير - : القوم يكمنون في الحرب.

3.انسلّ: انسحب في خفاء.

4.في «ط»: «أبو عذير». والظاهر أنّها تصحيف أبو عزيز بن عمير. اُنظر: المغازي للواقدي، ج ۱، ص ۳۰۸.

5.في بعض النسخ: «تسعة». وهوتصحيف، والنسخ مختلفة في ترتيب سرد أسماء المقتولين بسيف علي عليه السلام، فراجع الأصل.

6.ما بين المعقوفتين من «ج» والأصل.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81992
صفحه از 611
پرینت  ارسال به