وحمل خالد بن الوليد على ابن جبير وأصحابه، فقتلوهم، ووضعوا في المسلمين السيف، فانهزم أصحاب رسول اللَّه، فلمّا رأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه، وقال: «إليّ، إليّ، أنا رسول اللَّه»، فلم يرجع إليه أحد، ولم يبق مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلّا عليّ عليه السلام وأبو دجانة وهو سماك بن خرشة، فكلّما حملت طائفة على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله استقبلهم أمير المؤمنين عليه السلام ودفعهم عنه، ولم يزل يذبّ عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ويقتلهم حتّى انقطع ۱ سيفه، فأعطاه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله سيفه ذا الفقار. وبقيت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله نسيبة بنت كعب المازنية، وكانت تخرج مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في الغزوات تداوي الجرحى، وكان إبنها معها، فقتله رجل، فقتلت هي ذلك الرجل [فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «بارك اللَّه عليك يا نسيبة» وكانت تقي رسول اللَّه بصدرها ويديها ۲ حتّى أصابتها جراحات كثيرة] ۳ .
وأبلى وهب بن قابوس ذلك اليوم بلاء حسناً وقتل، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «اللهم ارحمه».
[فلم يزل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام يقاتلهم حتّى أصابته في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة] ۴ وسمع دويّ في السماء:
لا سيف إلّا ذو الفقارولا فتى إلّا عليّ
ونزل جبرئيل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقال: يا محمّد، هذه - واللَّه - المواساة.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: « ۵ لأنّه منّي وأنا منه».
فقال جبرئيل: وأنا منكما.
وحمل ابن قميئة على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فضربه على حبل العاتق، ونادى: قتلت محمّداً واللات والعزّى.
وكانت هند بنت عتبة في العسكر، فكلّما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلاً ومكحلة، وقالت له: إنّما أنت إمرأة فاكتحل بهذا.