[ ۱۲۱ ] وقوله: «وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ»... الآية، نزلت لمّا أراد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أن يتوجّه إلى حرب اُحد، وذلك أنّ قريشاً لمّا رجعت من بدر، وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر، أجمعوا ألّا يبكون على قتلاهم حتّى يطلبوا بثأرهم، وقال أبو سفيان: لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاهنّ، فإنّ البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداء ۱ لمحمّد، فلمّا أرادوا غزو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يوم اُحد، خرجوا من مكّة في ثلاثة آلاف فارس وألفي راجل، وخرجوا ومعهم النساء: زوجة عكرمة بن أبي جهل وعمرة بنت علقمة الحارثية وهند بنت عتبة واُمّ حكيم [يذكّرنهم ويحثّنهم على حرب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله] ۲ .
فلمّا بلغ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أنّ اللَّه قد أخبره أنّ قريشاً قد تجمّعت تريد المدينة، وحثّ أصحابه على الجهاد والخروج، فقام عبد اللَّه بن اُبي وقال: يا رسول اللَّه، أقم بالمدينة حتّى نقاتل في أزقّتها، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد على أفواه السكك والسطوح، فما أرادنا قوم قط، فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا، وما خرجنا إلى أعدائنا قط إلّا كان له[ الظفر علينا] ۳ .
فقام سعد بن معاذ رحمه اللَّه عليه وغيره من الأوس، فقالوا: يا رسول اللَّه، واللَّه ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام، فكيف يطمع فينا وأنت فينا؟! لا واللَّه، بل نخرج إليهم فنقاتلهم، فمن قتل منّا كان شهيداً، ومن نجا منّا كان مجاهداً. فقبل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قوله، وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضع القتال، وهو قوله: «وإِذْ غَدَوْتَ»... الآية.
والطائفتان ۴ : عبد اللَّه بن اُبي وأصحابه، وقعد عنه عبد اللَّه وجماعة من الخزرج، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد هيّأ أصحابه، وكانوا سبعمائة، فوضع عبد اللَّه بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب ۵ ، وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «إن رأيتمونا قد هزمناهم
1.ما بين المعقوفتين من الأصل.
2.في «ج»: «البكاء والدمعة إذا سالت ذهب الحزن والحرقة والعداوة»، وفي «ط»: «البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والقرحة والعداء».
3.المذكور في قوله تعالى: «إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا». آل عمران (۳): ۱۲۱ - ۱۲۲.
4.الشعب: الطريق في الجبل.