103
مختصر تفسير القمّي

أقول: في هذه الآية أقوى دليل على اختصاص المذكورين بالشرف والفضل والمنزلة القريبة من اللَّه ورسوله، بالتقديم لهم على كلّ الصحابة والقرابة، وأنّهم من تمام الرسالة والمعجزة لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
وعن قوله: «وَأَنْفُسَنا» لا يريد أنّ نفس عليّ نفسه عليه السلام وإلّا لزم الاتّحاد الباطل، بل هو يريد أنّه مثله وشبيه له إلّا النبوّة، فإنّها مستثناة، فلابدّ من إخراجه.
فإنّ قلت: قوله: «وَأَبْناءَنا» هذا، ينافي قوله: «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِّجَالِكُمْ» ۱.
قلنا: لا منافاة؛ لأنّ اللَّه تعالى قال: «مِن رِّجَالِكُمْ» أي من رجال المخاطبين، وهذه بيّنة، فلا منافاة. ۲
[ ۷۵ ] قوله: «وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ»... الآية، نزلت في اليهود؛ لانّهم قالوا: يجوز لنا أن نأخذ مال الأُميّين [والأُميّيون: الذين ليس معهم كتاب، فردّ اللَّه عليهم فقال: «وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ».] ۳
[ ۸۱ ] وأمّا قوله: «وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ»... الآية.
قال العالم: «لمّا خلق اللَّه آدم وأخرج ذرّيته من ظهره، أخذ الميثاق لنفسه بالربوبية، ثمّ أخذ الميثاق لمحمّد صلى اللَّه عليه وآله على الأنبياء [ أن يؤمنوا به وينصروه ويخبروا اُممهم بخبره».] ۴
قوله: «إِصْرِى» أي: عهدي «قَالُوا أَقْرَرْنَا» فقال اللَّه للملائكة: «فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِنَ الشَّاهِدِينَ» تفضيلاً لرسوله على الأنبياء. ۵

1.الأحزاب (۳۳): ۴۰.

2.لم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۶۵ - ۷۲، فراجع الأصل.

3.ما بين المعقوفتين من الأصل. ورواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۴۲، عن تفسير القمّي. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۷۷ - ۸۰، فراجع الأصل.

4.ما بين المعقوفتين من الأصل. ورواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۴۶، عن تفسير القمّي. وفي هامش «ص»: «إنّ هذه الآية ليست دليلاً للرجعة، كما ذكره الصدوق، بل هي دليل على ظهور قائم آل محمّد في آخر الزمان، وللرجعة دليل آخر، فراجع.

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۴۶، عن تفسير القمّي. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۸۳ - ۹۲، فراجع الأصل.


مختصر تفسير القمّي
102

فقال: إلى شهادة أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّي رسول اللَّه، وأنّ عيسى عبد مخلوق، يأكل ويشرب ويحدث.
قالوا: ومن أبوه؟
فنزل الوحي على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فقال: قل لهم: ما تقولون في آدم، أ كان عبداً مخلوقاً يأكل ويشرب ويحدث وينكح؟ فسألهم النبي صلى اللَّه عليه وآله، فقالوا: نعم.
فقال: فمن أبوه؟ فبهتوا ولم يكن عندهم جواب.
أقول: [الأمر] ۱ في آدم أغرب وأعجب؛ لأنّه ليس له اُمّ ولا أب، بخلاف عيسى؛ فإنّ الاُنثى قد تلد عند الأطبّاء من غير إتيان رجل.
فقال اللَّه: «إِنَّ مَثَلَ عِيسى‏ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»... الآية». ۲
[ ۶۱ ] وأمّا قوله: «فَمَنْ حَاجَّك فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَك مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا»... الآية.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله:[ فباهلوني‏] ۳ ، إن كنت صادقاً نزلت اللعنة عليكم، وإن كنت كاذباً نزلت عليّ.
فقالوا: أنصفت. فتواعدوا للمباهلة، فلمّا رجعوا إلى منازلهم، قال رؤساؤهم: إن باهلنا بقومه باهلناه، فإنّه ليس بنبيّ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصّة، فلا نباهله؛ فإنّه لا يقدم على أهل بيته إلّا وهو صادق.
فلمّا أصبحوا جاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللَّه عليهم، فقالت النصارى: من هؤلاء؟
فقيل لهم: ابن عمّه ووصيّه وختنه ۴ وأبو ولده علي بن أبي طالب، وهذه بنته، وهذان ابناه: الحسن والحسين.
ففزعوا، فقالوا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: نعطيك الرضا، فاعفنا من المباهلة. فصالحهم على الجزية، وانصرفوا. ۵

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.الزيادة اقتضاها السياق.

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۲۹، عن تفسير القمّي.

4.في «ب»: «وحبيبه».

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۲۹، عن تفسير القمّي. وراجع «آية المباهلة» لمركز المصطفى صلّى اللَّه عليه وآله.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81758
صفحه از 611
پرینت  ارسال به