413
مختصر تفسير القمّي

أقول: فيه نظر؛ فإنّ المرأة لا تطهر بحيضة واحدة وطهر واحد.
ثمّ أنزل اللَّه هذه الآية، وهي آية التخيير، فقال: «يا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لازْواجِك»...الآية، فقامت اُمّ سلمة - وهي أوّل من قامت - وعانقته، وقالت: قد آخترت اللَّه ورسوله، فقمن كلّهنّ فعانقنه، وقلن مثل ذلك، فأنزل اللَّه: «تُرْجِى مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِى إِلَيْك مَنْ تَشاءُ» ۱، قال العالم عليه السلام: «من أرجى فقد طلّق، ومن آوى فقد نكح » . ۲

[الجزء الثاني والعشرون‏]

[ ۳۲ - ۳۳ ] قوله: «يا نِساءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ» إلى قوله: «وَأطعن اللَّه ورسولهُ» ثمّ انقطعت مخاطبتهنّ، فعطف على أهل بيت النبي صلى اللَّه عليه وآله فقال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».
أقول: في هذه الآية مبالغة وتوكيدات عظيمة، فأتى بلفظة: «إِنَّما يُرِيدُ»، وتلفّظه بما تتلفّظه (الإرادة) والكلام الذي يعين، وإزالة الرجس هو النجاسة والقذارات، وما في قوله: «أَهْلَ الْبَيْتِ» من الإختصاص، وهي بمعنى التعيين، وبلفظ التطهير ثمّ بالمصدر، وهو (تَطْهِيراً)، وهي تدلّ على العصمة بالإجماع، والإجماع حجّة. ۳
[ ۳۴ ] ثمّ عطف على نساء النبي صلى اللَّه عليه وآله، فقال: «واذْكُرْنَ ما يُتْلى‏ فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً» . ۴

1.الأحزاب (۳۳): ۵۱.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۴۰ - ۴۴۱، عن تفسير القمّي. روي مايقرب منه في الكافي، ج ۶، ص ۱۳۸، ح ۴ .

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۴۹، عن تفسير القمّي. إعلم أنّ نزول آية التطهير بشأن أهل البيت عليهم السلام من الآحاديث المتواترة التي لاينكرها إلا من أعمى اللَّه عين قلبه، وللمزيد عن مصادر أسانيدها من طرق أهل السنّة والشيعة راجع نفحات الأزهار، ج ۲۰، ص ۷۳، ح ۱۱۱. أقول: يظهر من الروايات تعدد وتكرر دعاء النبي وطلبه من اللَّه التطهير لأهل بيته، ومن هنا تنوعت الروايات الواردة في ذلك.

4.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۷۰، عن تفسير القمّي.


مختصر تفسير القمّي
412

أسألك باليد التي لي عندك إلّا ما قدّمتني إلى القتل، فقدّم فقتل؛ فأنزل اللَّه على رسوله هذه السورة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جَآءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ» قريش والأحزاب «وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ» اليهود «وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ» ۱...الآيات. ۲
[ ۱۳ ] قوله: «إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ» أي: في أطراف المدينة.
[ ۲۲ - ۲۵ ] قوله: «قَالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ»...الآية، وذلك أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قال لأصحابه: «إنّ العرب تتحزّب عليّ وتجتمع، ويصيبنا منهم جهد، وكذا اليهود، وتكون العاقبة لي عليهم»، فصدّق قوم بما قال، وقال قوم: «مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً».
قوله: «وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ» ذلك البلاء والجهد والخوف «إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً» إلى قوله: «وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ» بعليّ، فمحوا إسمه.
[ ۲۶ ] قوله: «وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ» يعني: بني قريظة الذين حاصرهم رسول اللَّه وأنزلهم على حكمه.
أقول: الصواب: على حكم سعد بن معاذ رضى اللَّه عنه.
[ ۲۸ ] قوله: «يا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لازْواجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا»...الآية، روي عن العالم: «أنّه لمّا رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من غزاة خيبر، وأصاب كنز آل أبي الحقيق، قلن أزواجه: أعطنا ما أصبت».
فقال لهن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «قسمته بين المسلمين على ما أمر اللَّه».
فغضبن من ذلك، وقلن: لعلّك ترى أنّك إن طلّقتنا أنّا لا نجد الأكفّاء من قومنا يتزوّجونا؟!
فأنف اللَّه لرسوله صلى اللَّه عليه وآله، فأمره أن يعتزلهنّ، فاعتزلهنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في مشربة اُمّ إبراهيم تسعة وعشرين يوماً، حتّى حضن وطهرن.

1.الأحزاب (۳۳): ۹ - ۱۰.

2.روى مثله الطبراني في المعجم الأوسط، ج ۸، ص ۱۴۵.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81868
صفحه از 611
پرینت  ارسال به