411
مختصر تفسير القمّي

أيّام، وكان يقول: «اُسقوهم العذب، وأطعموهم الطيّب، وأحسنوا إسارهم» حتّى قتلهم كلّهم، وأنزل اللَّه على رسوله فيهم: «وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ» أي: من حصونهم «وقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ» إلى قوله: «وكانَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَىْ‏ءٍ قَدِيراً». ونزل في بني قريظة . ۱
وقام ثابت بن قيس بن الشماس، وقال: يا رسول اللَّه، إنّ الزبير ابن أبا طالب ۲ مرّ عليّ يوم بعاث فأطلقني، فهبه لي، قال: قد وهبته لك، فجاء إليه وقال له: [هل تعرفني؟ قال: نعم أنت ثابت‏] ۳ قال: قد وهبك رسول اللَّه لي [إنّي أمُنّ عليك كما مننت عليّ يوم بعاث. قال:] ۴ شيخ كبير ضعيف، ما يصنع بيثرب بلا أهل ولا مال؟
فرجع إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقال: يارسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله هب لي ماله وأهله. قال: «قد وهبتهم لك».
فرجع إليه فقال: إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد وهبك أهلك ومالك [وقد أراد اللَّه تعالى بك خيراً] ۵ .
فقال: أمّا أنت فقد كافيت، أحسن اللَّه جزاءك، فما فعل الذي وجهه كأنّه مرآة مضيئة يتراآى أنّه من عذارى الحيّ كعب بن أسد؟ قال: قد قتل.
قال: فما فعل سيّد الحاضر والبادي حيي بن أخطب؟ قال: قد قتل.
قال: فما فعل القلّب الحوّل نباش بن قيس؟ قال: قد قتل.
قال: فما فعل أوّل عادية اليهود إذا حملوا وآخرهم اذا رجعوا غزال بن شمؤل؟ قال: قد قتل.
قال: فما فعل أبو الأرامل والأيتام رفاعة بن زيد؟ قال: قد قتل.
قال: فما فعل العمران الملقبان بدراسة التوراة؟ قال: قتلا.
قال: فما خير في الحياة بعد هؤلاء، لا أرجع إلى دار كانوا فيها جلوساً فأخلد بعدهم،

1.رواه البحراني في البرهان، ج‏۴، ص‏۴۳۴ - ۴۳۷، عن تفسير القمّي. روى نحوه الطبرسي، في إعلام الورى، ص ۹۲.

2.كذا في النسخ. و هو اسم أحد اليهود.

3.ما بين المعقوفتين من المعجم الأوسط.


مختصر تفسير القمّي
410

ثمّ انفجر جرح سعد بن معاذ، فما زال ينزف الدم حتّى قضى.
وحمل الأسارى إلى المدينة، ووكّل رسول اللَّه بحصنهم، وسبوا النساء، وأنزلوا الرجال دار زينب بنت الحارث، وأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بأخدود في البقيع فخدّ، فلمّا أمسى أمر بإخراج رجل رجل، فكان يضرب عنقه، فقال حيي بن أخطب لكعب بن أسد: ما ترى يصنع بهم؟
فقال له: ما يسوؤك، أما ترى الداعي لا يقلع، والذي يذهب لا يرجع؟ فعليكم بالصبر والثبات على دينكم.
فاخرج كعب بن أسد مجموعةً يديه إلى عنقه، وكان جميلاً وسيماً، فلمّا نظر إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، قال له: «يا كعب، أمّا نفعتك وصيّة ابن الحواس، الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام؟ فقال: تركت الخمر والخنزير ۱ ، وجئت إلى البمؤس والتمور، لنبيّ يبعث، مخرجه بمكّة، ومهاجرته في هذه البحيرة، يجتزئ بالكسيرات والتميرات، ويركب الحمار العريّ، في عينيه حمرة، بين كتفيه خاتم النبوّة، يضع سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى منكم، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر؟».
فقال: قد كان ذلك يا محمّد، ولولا أنّ اليهود يعيّروني أنّي جزعت عند القتل لآمنت بك وصدّقتك، ولكنّي على دين اليهودية، عليه أحيا وعليه أموت.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «قدّموه فاضربوا عنقه» فضربت عنقه.
ثمّ قدم حُيي بن أخطب، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «يا فاسق، كيف رأيت صنع اللَّه بك؟»
فقال: واللَّه - يا محمّد - ما ألوم نفسي في عداوتك، ولقد قلقلت ۲ كلّ مقلقل، وجهدت كلّ الجهد، ولكن من يخذل اللَّه يخذل، ثمّ قال حين قدم للقتل:

لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه‏ولكنّه من يخذل اللَّه يخذل‏
فقدّم، وضرب عنقه. فقتلهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في البردين: بالغداة، والعشي، في ثلاثة

1.في «ج»: «الخمير».

2.قلقل الشي‏ء: حرّكه فتحرّك واضطرب. لسان العرب، ج ۱۱، ص ۵۶۶ (قلل).

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 81934
صفحه از 611
پرینت  ارسال به