[ ۶۰ - ۶۳ ] وقوله: «فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ»، فجمع فرعون أصحابه، وبعث في المدائن حاشرين، وحشر الناس، وقدّم مقدّمته في ستّ مائة ألف، وركب هو في ألف ألف ۱ ، وخرج كما حكى اللَّه عزّ وجلّ: «فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وعُيُونٍ وكُنُوزٍ ومَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِك وأَوْرَثْناها بَنِى إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ»، فلمّا قرب موسى من البحر، وقرب فرعون من موسى، قال أصحاب موسى: «إِنَّا لَمُدْرَكُونَ»، قال موسى: «كَلا إِنَّ مَعِى رَبِّى سَيَهْدِينِ» أي: سينجيني، فدنا موسى عليه السلام من البحر، فقال له: انفلق، فقال البحر له: استكبرت - يا موسى - أن تقول لي: انفلق، أنفلق ۲ لك، ولم أعص اللَّه طرفة عين، وقد كان فيكم المعاصي؟
فقال له موسى: فأحذر أن تعصي اللَّه وقد علمت أن آدم اخرج من الجنّة بمعصيته، وإنّما إبليس لعن بمعصيته.
فقال البحر: ربّي عظيم، مطاع أمره، و لا ينبغي لشيء أن يعصيه.
فقام يوشع بن نون، فقال لموسى: يا رسول اللَّه، ما أمرك ربّك؟
قال: بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء، فأوحى اللَّه إلى موسى: «أَنِ اضْرِبْ بِعَصاك الْبَحْرَ»، فضربه «فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» أي: كالجبل العظيم، فضرب له في البحر اثني عشر طريقاً، فأخذ كلّ سبط منهم في طريق، فكان الماء قد ارتفع، وبقيت الأرض يابسة، طلعت فيها الشمس فيبست، كما حكى اللَّه: «فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِى الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً ولا تَخْشى» ۳.
ودخل موسى وأصحابه البحر، وكان أصحابه اثني عشر سبطاً، فضرب اللَّه لهم في البحر اثنى عشر طريقاً، فأخذ كلّ سبط في طريق، و كان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى عليه السلام في طريقه، فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر. فلم يصدّقوه، فأمر اللَّه البحر، فصارت طاقات، حتّى كان ينظر بعضهم إلى بعض، ويتحدّثون.