[فلمّا أخذوا مجلسهم] ۱ قال أبو جهل: إنّ محمّداً شتّت جمعنا ۲ ، وسفّه أحلامنا، وأفسد شبابنا، وفرّق جماعتنا، وزعم أن من مضى من أسلافنا في النار، وقد رأيت أن ندسّ إليه رجلاً منّا ليقتله، فإن طلبت بنو هاشم بدمه ۳ أعطيناهم عشر ديات.
قال إبليس: هذا رأي خبيث؛ لأنّ قاتل محمّد مقتول لا محالة ۴ .
قال آخر: نحبسه في بيت ونلقي إليه قوته وننتظر به ريب المنون.
فقال إبليس: هذا أخبث من الأوّل؛ لأنّ بني هاشم لا ترضى بذلك.
قال آخر منهم: لا، ولكن نخرجه من بلادنا.
قال إبليس: هذا أخبث [من الرأيين المتقدّمين] ۵ ؛ حيث تعمدون إلى أصبح النّاس وجهاً، وأنطقهم لساناً، وأفصحهم لهجةً [فتحملونه إلى بوادي العرب] ۶ فيخدعهم بسحره ولسانه، فلا يفجأكم ۷ إلّا وقد ملأها عليكم خيلاً ورجلاً.
فبقوا حيارى، فقال إبليس: الرأي أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجل، ويكون معهم من بني هاشم رجل، فيأخذ كلّ واحد سكّينا أو سيفاً، فيدخلون عليه فيضربونه كلّهم ضربة واحدة، حتّى يتفرّق دمه في قريش كلّها، فلن تستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، وقد شاركوا فيه.
فقالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي.
ونزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فأخبره بذلك، ۸ وكان معهم من بني هاشم أبو
1.ما بين المعقوفتين من الأصل.
2.في «ب»: «سبّ آلهتنا».
3.في «ط»: «بدمه».
4.العبارة في الأصل هكذا: «فمن ذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم، فإنّه إذا قتل محمّد تعصّبت بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة، وإنّ بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمّد على الأرض وتقع الحروب في حرمكم وتتفانوا.
5.في «ب» و «ج»: «ترون».
6.العبارة في الأصل هكذا «واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلاً فيقتلوه، وخرجوا إلى المسجد يصفّرون ويصفّقون ويطوفون بالبيت، فأنزل اللَّه: «وما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكاءً وتَصْدِيَةً»(الأنفال (۸): ۳۵) فالمكاء: التصفير، والتصدية: صفق اليدين، وهذه الآية معطوفة على قوله: «وإِذْ يَمْكُرُ بِك الَّذِينَ كَفَرُوا»، وقد كتبت بعد آيات كثيرة. فلمّا أمسى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه.