181
مختصر تفسير القمّي

فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «اللَّه أعلم بإسلامك، إن يكن ما ذكرت حقّاً فإنّ اللَّه يجزيك بإسلامك خيراً، وأمّا ظاهر أمرك فقد كنت علينا».
وكان العبّاس معه عشرون أوقية ذهباً، فأخذها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
فقال: يا رسول اللَّه، احسبها من فدائي.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «لا، ذاك شي‏ء أعطانا اللَّه منك، فافد نفسك وابن أخيك».
فقال العبّاس: فليس لي مال غير الذي ذهب منّي.
فقال: «بلى، المال الذي خلّفته عند اُمّ الفضل بمكّة، فقلت لها: إن حدث عليّ حدث فأقسموه بينكم».
فقال العبّاس: تتركني ۱ وأنا أسأل الناس بكفّي؟
فأنزل اللَّه في العبّاس وعقيل ونوفل بن الحارث: «يا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لِمَنْ فِى أَيْدِيكُمْ مِنَ الأسْرى‏» ۲... الآية، ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله للعبّاس: «إنّكم خاصمتم اللَّه، فخصمكم».
ثمّ قال لعقيل: «يا أبا يزيد، قد قتل اللَّه أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومنبه ونبيه ابني الحجاج ونوفل بن خويلد، واُسر سهيل بن عمرو والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط، وفلان وفلان».
فقال عقيل: إذن لا تنازعون ۳ في تهامة، فإن كنت قد أثخنت القوم وإلّا فاركب أكتافهم. فتبسّم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من قوله.
وأمر رسول اللَّه بالقتلى، فاُلقوا في قليبٍ، ثمّ وقف عليهم وقال: «يامعشر قريش، إنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّاً؟».
فقال أصحابه: أ تكلّم الموتى؟
قال: «لو اُذن لهم في الكلام لقالوا: بلى، قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّاً».
وكانت حرب بدر يوم الجمعة لسبع عشر مضين من رمضان، والمشهور أنّها كانت لسبع عشر بقين من رمضان.

1.في «ط»: «فقال ما تتركني إلّا».

2.الأنفال (۸): ۷۰.

3.في «ط»: «لا تنازع».


مختصر تفسير القمّي
180

وكان فتية من قريش قد أسلموا بمكّة، فاحتبسهم آباؤهم، فخرجوا معهم إلى بدر وهم على الشكّ والارتياب والنفاق، منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه، والحارث بن ربيعة، وعلي بن اُمية بن خلف، والعاص بن المنبه بن الحجّاج. فلمّا نظروا إلى قلّة أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، قالوا: مساكين هؤلاء، غرّهم دينهم، يقتلون الساعة. فأنزل اللَّه فيهم: «إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ والَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ» ۱... الآيات.
وحمل جبرئيل على إبليس، فطلبه حتّى غاص في البحر، وقال: ربّ، أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين.
ثمّ أخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله كفّاً من حصى، ورمى به في وجوه قريش، وقال: «شاهت الوجوه»، فبعث اللَّه رياحاً، فضربت وجوههم، فكانت الهزيمة.
فقتل منهم سبعون واُسر منهم سبعون.
والتقى عمرو بن الجموح ۲ مع أبي جهل، فضرب عمرو أبا جهل على فخذه ۳ ، وضرب أبو جهل عمراً على يده، فأبانها من العضد.
قال عبد اللَّه بن مسعود: إنتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحّط في دمه، فاقتلعت بيضةً كانت على رأسه فقتلته، وأخذت رأسه وجئت به إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فسجد للَّه شكراً.
واُسر العبّاس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب، وقيل: أسرهما أبو بشر الأنصاري، فلمّا أتي بهما إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فقال له: «هل أعانك عليهما أحد؟» قال: نعم، رجل عليه ثياب بيض. فقال الرسول صلى اللَّه عليه وآله: «ذلك من الملائكة».
قال العبّاس: جعلت أنظر إليه وهو يقودنا، وأنظر إلى عقيل، فأضحك وأعجب منه، فيلتفت إلينا فيقول: ما تقولان؟، فتمتلئ قلوبنا منه رعباً، فنقول: لا شي‏ء.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله للعبّاس: «اُفد نفسك وابن أخيك».
فقال: يا رسول اللَّه، قد كنت مسلماً، ولكن القوم استكرهوني.

1.الأنفال (۸): ۴۹.

2.في «ب»: «الحجّاج».

3.في «ط»: «على فخذيه».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82402
صفحه از 611
پرینت  ارسال به