111
مختصر تفسير القمّي

حتّى وقف عليه، فلمّا رآه وقد فعل به ما فعل استعبر وقال: واللَّه ما وقفت موقفاً قطّ أغيظ عليّ من هذا الموقف، لئن أمكنني اللَّه من قريش لأمثلنّ بسبعين ۱ رجلاً منهم، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» ۲، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «بل أصبر».
وألقى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله على حمزة بردة كانت عليه، إذا مدّها على رأسه بدت رجلاه، وإذا مدّها على رجليه بدا رأسه، فمدّها على رأسه وألقى على رجليه الحشيش ۳ ، ثمّ قال: لولا أنّي اُحزن ۴ نساء بني عبد المطلب لتركته للسباع والعافية ۵ حتّى يحشر يوم القيامة من بطون السباع والطير.
ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: من له علم بسعد بن الربيع؟
فقال رجل: أنا أطلبه، فجاء إليه وهو صريع بين القتلى، فقال: يا سعد، فلم يجبه، فقال: يا سعد إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد سأل عنك.
فرفع رأسه وقال: وإنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لحيّ؟
قلت: نعم.
قال: أبلغ قومي الأنصار السلام، وقل لهم: ما للمرء عند اللَّه عذر وتشوك رسول اللَّه شوكة وفيكم عين تطرف، ثمّ تنفّس فخرج منه مثل دم الجزور، وقضى رحمه اللَّه عليه. فجئت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فأخبرته فقال: رحم اللَّه سعداً، نصرنا حياً وأوصى بنا ميّتاً.
ونادى أبو سفيان: موعدنا وموعدكم في عام قابل نجتمع فيه ببدر، فنقتتل، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام: «قل: نعم».
وتراجع أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأقبلوا يعتذرون إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فأحبّ اللَّه أن يعرّف رسوله مَن الصادق منهم ومَن الكاذب، فأنزل اللَّه عليهم النعاس على الصادقين مع ما بهم من الألم والجراح حتّى كانوا يسقطون إلى الأرض، بخلاف المنافقين ۶ وهو

1.في «ج»: «لأقتلنّ سبعين».

2.النحل (۱۶): ۱۲۶.

3.في «ص»: «الخيش». وفي هامش «ص»: «الحشيش».

4.كذا في «ق». وفي «ط»: «احذر».

5.في «ب» و «ج»: «للعاقبة». وفي الأصل: «للعادية». وفي هامش «ص»: «للعاوية».

6.في الأصل زيادة: «الذين يكذبون، لا يستقرّون قد طارت عقولهم وهم يتكلّمون بكلام لا يفهم عنهم».


مختصر تفسير القمّي
110

وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فيهزمهم، ولا يثبت له أحد، فجعلت هند لوحشي - عبد جبير بن مطعم - جعلاً أن يقتل محمّداً أو عليّاً أو حمزة.
قال: فكمنت لحمزة، فعثر فسقط، فرميته ۱ بحربتي، فوقعت في خاصرته فمات، فأتيته وشققت بطنه وأخذت كبده، وجئت به إلى هند، فقلت: هذه كبد حمزة. فأخذتها في فيها فلاكتها، فجعلها اللَّه في فيها مثل الداغصة ۲ ، فلفظتها ورمت بها، فبعث اللَّه ملكاً فحملها وردّها إلى مكانها - فقال الصادق عليه السلام: «أبى اللَّه أن يدخل شيئاً من بدن حمزة في معدةٍ تحرق في النار» - ثمّ جاءت إليه هند فقطعت مذاكيره، وقطعت اُذنيه وجعلتهما خرصين ۳ وشدّتهما في عنقها، وقطعت يديه ورجليه.
وتراجع الناس، فصارت قريش على الجبل ۴ وأمير المؤمنين بين يديه قد أصابته سبعون جراحة. ۵
وروي: أنّهم لمّا دخلوا المدينة، نادى إبليس في المدينة: قتل محمّد، فلم تبق واحدة من نساء المهاجرين والأنصار إلّا خرجت، وخرجت فاطمة بنت محمّد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله تعدو على قدميها [حتّى وافت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقعدت بين يديه، فكان إذا بكى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بكت لبكائه ۶ ، وإذا انتحب انتحبت‏] ۷
وتراجع المنهزمون إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، ووقفوا حوله يعتذرون إليه صلى اللَّه عليه وآله. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: من له علم بعمّي حمزة؟ فقال الحرث بن سميّة ۸ : أنا أعرف موضعه يا رسول اللَّه، فجاء حتّى وقف على حمزة، فكره أن يرجع إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بخبره. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: يا عليّ اُطلب عمّي حمزة ۹ ، فجاء عليّ عليه السلام فوقف على حمزة، فوجده وقد قتل ومثّل به، بكى وجداً على عمّه، فكره أن يرجع إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله بخبره. فقام النبي صلى اللَّه عليه وآله وجاء

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ب» و «ج»: «فطعنته».

3.الداغصة: العظم المدوّر المتحرّك في رأس الرّكبة. المعجم الوسيط، ج ۱، ص ۲۸۷ (دغص).

4.في «ب»: «خذمتين». والخذمة:القرط.

5.كذا في «أ». والعبارة في «ج» هكذا: «ورجعت قريش، وبقي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله في ذلك المكان».

6.وروى الحديث البحراني في البرهان، ج ۱، ص ۶۸۴ - ۶۸۵، عن تفسير القمّي.

7.لم ترد «لبكائه» في «ص».

8.في «أ» و «ص» و «ق»: «الصمة».

9.في هامش «ص»: «ما حل به».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82014
صفحه از 611
پرینت  ارسال به