وصدورهما، فمفاد الرواية الأُولى يرصد المنافقين والمدسوسين الذين يشكّلون تهديداً خطيراً لأيّ حركة ثوريّة يفضي إلى تضعيفها وإفشالها، ويبدو طبيعيّاً ومعقولاً تماماً أن يتعامل مع هذا التيّار بحسم منذ البداية، ليلقّن المخالفين والمعاندين عبرة بالغة، وهذا مؤّر على التدبير الذكيّ في قيام الإمام المهديّ علیه السلام .
وبناء عليه لا يُستنبط من هذا الحديث القتل الشامل أو الشدّة والعنف، بل ينبغي اعتباره استراتيجيّة عسكريّة وأمنيّة لنجاح القيام، وهو أمر طبيعيّ ومنطقيّ.
وتأتي إشارة الأئمّة إلى هذا الأمر المهمّ في الأحاديث لكي ينبّهوا مخاطبيهم على غلق الأبواب بوجه أيّ نوع من النفاق واستغلال التظاهر بمودّة أهل البيت عليهمالسلام في عصر الظهور، لا كما في العهود السابقة حيث أُلحقت ضربات قاسية بالجسد الثقافيّ والمعرفيّ لأهل البيت عليهمالسلام بأيدي المتخفّين في لباس محبّتهم.
الحديث الثاني اتّخذ نهجين: نقديّاً في نفي التسامح، وإيجابيّاً في إثبات المصاعب المواجهة لقيام الإمام المهديّ علیه السلام ، وينطوي على رسالة مفادها أنّ عوائق شديدة وخطيرة تقف بوجه هذا القيام، ولن تنتظم أُموره سوى بالإيثار والفداء. وصرّح الجزء الأخير من هذا الحديث بصعوبة قيام الإمام المهديّ علیه السلام وعدم التسامح والتساهل فيه، ورفض فكرة أن لا يُراق أيّ دم في القيام المذكور، وأن يستمرّ المخالفون بِدِعَة وراحة بال.
الصنف الثالث: انعدام الرحمة في قلب الإمام المهديّ علیه السلام
صوّرت بعضُ الأحاديث شدّة تعامل الإمام المهديّ علیه السلام بحيث يُشكّ في كونه عليهالسلام مظهراً للرحمة وفي نسبته إلى أهل بيت الوحي عليهمالسلام، فورد في حديث أنّه عليهالسلام سيأخذ قريشاً ـ وهم أسلافه وأجداده ـ بالبأس بالشدّة حتّى ليشكّ القرشيّون في أنّه من أبناء فاطمة عليهاالسلام، ويقولون: لو كان فاطميّاً لرحمنا! صوّر ذلك حديث عن الإمام عليّ عليهالسلام بهذا النحو:
۰.بِأَبي ابنُ خِيَرَةِ الإِماء، لا يُعطيهِم إلاّ السَّيفَ هَرجاً هَرجاً، مَوضوعاً عَلى عاتِقِهِ ثَمانِيَةَ