95
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

وفسّر العلاّمة الطباطبائيّ الفتنة بما يسبّب العناء للإنسان، وغلب استعماله في الحرب على انعدام الأمان والسلم۱. وأشار مفسّرون إلى اختلاف الرأي في هذه الآية بصدد تحديد مصاديق الفتنة التي اعتبروها في لغة القرآن هي السلطة غير الشرعيّة، وعدّوها من أجلى معاني الشرك، هي والخضوع لأمثالها. وأصل السلطة الشرعيّة هو الإيمان باللّه‏ والاستعانة بالحقّ والتفكير في حرّية الإنسان.۲

دفع الفتنة استراتيجيّة قرآنيّة

إنّ أصل المواجهة المسلّحة مع الفتنة ومظاهرها ـ طبقاً لدلالة هذه الآية ـ هو أمر إلهيّ، وقطعيّة هذا الحكم ثابتة بحيث اعتبره بعض المفسّرين ناسخاً لآية: «كفُّوا أَيْدِيَكمْ»۳، و «وَدَعْ أَذاهُمْ»۴.۵ فقد انتهت مرحلة المداراة والتسامح مع تيّار الكفر، وأمَر اللّه‏ المؤنين بإزالة الأديان الباطلة ومظاهرها، وهذا التكليف الإلهيّ يقع على عاتق كلّ مسلم.

كما يُفهم من الأمر بالقتال في هذه الآية أيّ نوع من المواجهة أيضاً مع تيّار الفتنة، بحيث يكون العمل العسكريّ أحد مصاديقه الملموسة، ولذلك يكتسب الأمر بالقتال في: «وَقاتِلُوهُمْ» نطاقاً واسعاً لا ينحصر في مجرّد الحرب، بل تتفوّق في معظم الأوقات المواجهات الإعلاميّة والثقافيّة والاقتصاديّة على العمليّات العسكريّة في الضرورة والأولويّة.

شرط المواجهة المسلّحة مع الفتنة

أشار العلاّمة الطباطبائيّ إلى أنّ آية: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ

1.. الميزان في تفسير القرآن: ج ۹ ص ۷۵.

2.. تفسير هدايت بالفارسيّة: ج ۴ ص ۵۲.

3.. النساء: ۷۷.

4.. الأحزاب: ۴۸.

5.. تفسير القمّي: ج ۱ ص ۲۷۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
94

هذه المجموعة هي:

عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليه‏السلام: قول اللّه‏ عز و جل: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ»۱؟ فقال:

لَم يَجِئ تَأويلُ هذِهِ الآيَهِ بَعدُ، إنَّ رَسولَ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله رَخَّصَ لَهُم لِحاجَتِهِ وَحاجَةِ أصحابِهِ، فَلَو قَد جاءَ تَأويلُها لَم يُقبَل مِنهُم، لكِنَّهُم يُقتَلونَ حَتّى يُوَحَّدَ اللّه‏ُ عز و جل، وحَتّى لا يَكونَ شِركٌ.۲

قال عبد الأعلى الجبليّ: قال الإمام الباقر عليه‏السلام:

لا يَقبَلُ صاحِبُ هذَا الأَمرِ الجِزيَةَ كَما قَبِلَها رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وَهُوَ قَولُ اللّه‏ِ: «وَقَتِلُوهُمْ حَتَّى لاَتَكونَ فِتْنَةٌ وَيَكونَ الدِّينُ كلُّهُ لِلَّهِ».۳

وورد عن الإمام الباقر عليه‏السلام:

۰.يُقاتِلونَ ـ وَاللّه‏ِ ـ حَتّى يُوَحَّدَ اللّه‏ُ ولا يُشرَكَ بِهِ شَيئاً، وحَتّى تَخرُجَ العَجوزُ الضَّعيفَةُ مِنَ المَشرِقِ تُريدُ المَغرِبَ ولا يَنهاها أحَدٌ.۴

وهذان النصّان في الحقيقة حديث واحد وردا بروايتين في الكافي وتفسير العيّاشي، ولسند الكلينيّ اعتبار كبير.

المفهوم والمقصود

اعتبر المفسّرون أنّ المراد من الفتنة في الآية ۳۹ من سورة الأنفال هو الكفر۵ والشرك۶، وأضاف بعض المفسّرين۷ كلّ أنواع البغي والفساد.

1.. الأنفال: ۳۹.

2.. راجع: ص ۷۸ ح ۱۶۸۶.

3.. راجع: ص ۷۶ ح ۱۶۸۲.

4.. راجع: ص ۷۶ ح ۱۶۸۲.

5.. تفسير القمّي: ج ۱ ص ۲۷۸، أحكام القرآن لابن عربيّ: ج ۲ ص ۸۵۴.

6.. تفسير مقاتل بن سليمان: ج ۲ ص ۱۱۵، تفسير الصافي: ج ۲ ص ۳۰۳.

7.. أحكام القرآن للجصّاص: ج ۴ ص ۲۲۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8133
صفحه از 483
پرینت  ارسال به