85
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

والحديثيّة، ومنها موضوع المهدويّة، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى: شهدت تلك الأيّام أوضاعاً ثقافيّة وكلاميّة خاصّة، وظهور عدّة فرق مثل الغلاة والواقفيّة، ممّا ساهم في رسم صورة قاتمة لبعض المعارف الإسلاميّة ومن جملتها القضيّة المهدويّة ؛ نتيجة لفهم خاطئ ورأي منحرف، فغيّرت بعض أخبارها المنقولة.

وفي المقابل راح الأئمّة عليهم‏السلام ينقدون هذا التيّار، ويوضّحون المعارف الأصيلة للظهور المهدويّ ؛ ولذلك تعتبر الأحاديث موضع البحث نوعاً من تصحيح الآراء والنظريّات الخاطئة في القضيّة المهدويّة التي صادرتها أوغيّرتها بعض الفرق لتنسجم ومصالحها، وقد انعكس في عدّة أحاديث بعض ذلك؛ مثل الشكّ في عدم تسامح الإمام المهديّ علیه السلام ، وشبهة رحمته بالآخرين لو كان من ولد فاطمة عليهاالسلام.۱

ولذلك فالجوّ العامّ السائد على صدور أحاديث هذا الموضوع، جوّ متميّز تاريخيّاً وثقافيّاً ينبغي أخذه بنظر الاعتبار عند دراسة الروايات وتحليلها. وعلى الرغم من انتماء المخاطب الرئيسيّ في حديث الإمام عليّ عليه‏السلام إلى الخطّ الفكريّ والسياسيّ لبني أُميّة، ولكن يمكن تبريره بأنّه من باب المصداق التاريخيّ لعهد الإمام عليه‏السلام، واعتبار مواجهة الإمام المهديّ علیه السلام لأيّ حركة مشابهة لبني أُميّة ستأخذ المنحى ذاته بإلغاء الخصوصيّة التاريخيّة للأُمويّين.

۲. تقييم أحاديث القتل في قيام الإمام المهديّ علیه السلام

تُقسّم الأحاديث المتعلّقة بالقتل في قيام الإمام المهديّ علیه السلام إلى ثلاثة أصناف بنحوٍ عام: الحرب، وضرب أعناق المخالفين، وانعدام الرحمة. ويختلف كلّ صنف عن غيره في مدى الدلالة على القتل في القيام المهدويّ.

1.. راجع: ص ۷۷ ح ۱۶۸۳ (شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد) .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
84

كما أكّدتها الروايات أيضاً۱، ولذلك لا يكون لظاهر الأحاديث المذكورة شموليّة مطلقة، وتختصّ الشدّة المشار إليها في التعامل المهدويّ بتيّار المعاندين وأئمّة الاستكبار.

وفيما يلي نتابع نقد ودراسة أحاديث القتل في قيام الإمام المهديّ علیه السلام :

۱. معرفة أجواء صدور أحاديث القتل في قيام الإمام المهديّ علیه السلام

الالتفات إلى المتكلّم والمخاطب، والأوضاع الثقافيّة والسياسيّة لزمن الصدور، أو معايير وخلفيّات صدور أحاديث موضوع البحث، كلّ ذلك من شأنه أن يساعد على فهم دقيق لقارئ الرواية، فأكّد علماء الحديث في بحث أسباب صدور الروايات على الدور المهمّ لوعي الفاهم لملابسات النصّ في فقه الحديث، واعتبروا عدم الالتفات إليها بصفتها إحدى القرائن غير الكلاميّة من جملة آفات الفهم الحديثيّ.۲

صدرت الأحاديث المذكورة حسب الترتيب التاريخيّ عن الأئمّة: عليّ والباقر والصادق عليهم‏السلام، ومن حيث الكثرة: وجد حديث واحد فقط عن الإمام عليّ عليه‏السلام، في حين كثرت أحاديث الإمامين: الباقر والصادق عليهماالسلام قياساً بالأحاديث الأُخرى، وتسودها أجواء الأسئلة والحوار، فجاءت الأحاديث التساؤيّة في إطار أجوبة عن أسئلة وُجّهت إلى الأئمّة عليهم‏السلام في موضوع قيام الإمام المهديّ علیه السلام وأجابوا عنها.

وصدرت الأحاديث الحواريّة عن الأئمّة عليهم‏السلام لعرض توضيح سليم لعقائد المذهب، وتقوية الحوار المهدويّ في المجتمع الشيعيّ والإسلاميّ، وإصلاح الآراء الخاطئة.

أتاحت مدّة إمامة الباقر والصادق عليهماالسلام، وبخاصّة مرحلة انتقال الحكم من بني أُميّة إلى بني العبّاس، أتاحت فرصة مناسبة لهذين الإمامين لتوضيح وترويج المعارف القرآنيّة

1.. قال الإمام الباقر عليه‏السلام: «إِذَا قامَ سارَ بِسيرَةِ رَسولِ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إِلا أَنَّهُ يُبَيِّنُ آثارَ مُحَمَّدٍ». الغيبة للنعمانيّ: ص ۱۶۴ ح ۵.

2.. راجع: اللمع في أسباب ورود الحديث و البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8367
صفحه از 483
پرینت  ارسال به