351
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

بيان عدد من الأحكام في عصر النبوّة لم يكن في صالح المجتمع، ومثلما قال بعض الفقهاء الكبار۱ بإنّ ظاهر أمثال هذه الأخبار هو اقتضاء المصلحة الإلهيّة إخفاء بعض الأحكام إلى زمان ظهور الإمام المهديّ علیه السلام .۲

۲. القضاء على أساس العلم

أبرز تجديد قضائيّ في النظام المهدويّ هو القضاء على أساس العلم، فالبيّنة واليمين هما أساس القضاء والمحاكمة في السيرة النبويّة، وستستمرّ هذه السيرة حتّى ظهور الإمام المهديّ علیه السلام في المؤّسة القضائيّة الإسلاميّة، لكن في الدولة المهدويّة التي ستسود جميع أقطار العالم، ستقام المحاكمات على أساس علم القاضي ؛ لأنّه يمكن الوصول إلى العدالة الحقيقيّة الكاملة كما أشرنا إليه، وأكّدته عدّة أحاديث صحيحة ومعتبرة۳، منها ماجاء عن الإمام الباقر عليه‏السلام حيث قال:

إذا قامَ قائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، حَكمَ بِحُكمِ داوُدَ وسُلَيمانَ؛ لا يَسأَلُ بَيِّنَةً.۴

وعن الإمام العسكريّ عليه‏السلام قال:

۰.إذا قامَ قائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ ـ عَلَيهِ وعَلَيهِمُ السَّلامُ ـ، حَكَمَ بَينَ النّاسِ بِحُكمِ داود؛ لا يَحتاجُ إلى بَيِّنَةٍ، يُلهِمُهُ اللّه‏ُ تَعالى فَيَحكمُ بِعِلمِهِ.۵

ولكن لايمكن أن يتصدّى الإمام المهديّ علیه السلام شخصيّاً لحلّ جميع دعاوى المتحاكمين، وهنا يبرز هذا السؤل: هل القضاء على أساس العلم مختصّ بالإمام عليه‏السلام، أم يجب على جميع القضاة في مؤّسته القضائيّة العمل على أساس علمهم؟

1.. راجع: مصباح الاُصول: ص ۲۷۱.

2.. راجع: ص ۱۲۹ (دراسة بعض العبارات الحاكية لاُسس حكومة الإمام المهديّ علیه السلام ).

3.. راجع: ص ۲۷۴ (الفصل السادس / القضاء بقضاء داود و سليمان عليهماالسلام).

4.. راجع: ص ۲۷۵ ح ۱۹۱۵.

5.. راجع: ص ۲۷۶ ح ۱۹۲۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
350

والسلطة القضائيّة لحكومة الإمام المهديّ علیه السلام في أعلى المستويات الممكنة من حيث السياسات القضائيّة والإمكانيّات المطلوبة للقضاء وكفاءة القضاة، استناداً إلى أحاديث أهل البيت عليهم‏السلام، ومع أنّ هذه الأحاديث لا تكفي لتكوين رأي قاطع في جميع هذه المجالات، ولكن على أيّ حال، يمكن توصيف التشكيلات القضائيّة المهدويّة على أساسها كما يلي:

۱. تجديد المؤّسة القضائيّة

أوّل سياسة قضائيّة في دولة الإمام المهديّ علیه السلام هي تجديد وإعادة تأهيل المنظومة القضائيّة، فقد روي عن الإمام الباقر عليه‏السلام في وصف إجراءات قائم آل محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بعد قيامه، أنّه قال:

۰.يَقومُ بِأمرٍ جَديدٍ وسُنَّةٍ جَديدَةٍ وقَضاءٍ جَديدٍ.۱

وينبغي الالتفات إلى عدّة أُمور لتوضيح هذا الحديث:

الأوّل: تطبيق العدالة بنحوٍ كامل وشامل في عصرٍ يسود الإسلام فيه جميع أرجاء العالم، يستوجب اختلاف السيرة القضائيّة في حكومة الإمام المهديّ علیه السلام عن السيرة النبويّة والعلويّة. وبعبارة أُخرى: إنّ تطبيق القضاء على عهد النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والإمام عليّ عليه‏السلام يتمّ على أساس المعايير الظاهريّة ؛ لأنّ المجتمع لا يتحمّل القضاء وفقاً للواقع، ولكنّه ممكن في عصر الظهور ؛ بسبب التطوّر العقليّ والعلميّ والثقافيّ للمجتمع، ولهذا يهتمّ الجهاز القضائيّ بالإجراء الكامل للعدالة الواقعيّة.

الثاني: يشتمل التجديد القضائيّ في عصر الظهور على طرق إثبات الحقّ واكتشاف الجرائم، وحتّى على أحكام قضائيّة جديدة أيضاً، كما ورد في بعض الأحاديث.۲

الثالث: لا يتنافى التجديد القضائيّ مع خاتميّة النبوّة، فبعض الأحاديث۳ يدلّ على أنّ

1.. راجع: ص ۲۷۳ ح ۱۹۱۱.

2.. راجع: ص ۲۷۹ (الفصل السادس / شرح لطريقة قضاء داود وسليمان عليهماالسلام).

3.. مثل: «اسكتوا عَمّا سَكتَ اللّه‏ُ»، أو «اسكتوا عَنّي ما سَكتُّ عَنكم»، راجع: موسوعة العقائد الإسلاميّة المعرفة : ج ۲ ص ۲۸۷ ح ۲۴۰۸ و ص ۲۸۹ ح ۲۴۱۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8332
صفحه از 483
پرینت  ارسال به