309
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

بوسعنا الإجابة عن السؤل المتقدّم استناداً إلى الأحاديث المؤّدة على أنّ سيرة الإمام المهديّ علیه السلام في الحكم مؤّسة على سيرة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والإمام عليّ، فنقول: إنّ الحكومة المهدويّة تكافح بعض المفاسد فوريّاً، وأمّا القسم الآخر من السلبيّات فستحاربه تدريجيّاً.

وقد صُنّفت المفاسد الاجتماعيّة في السيرة النبويّة والعلويّة إلى قسمين:

القسم الأوّل: مفاسد لها أرضيّة اجتماعيّة كافية لمكافحتها فوراً، ففي مثل هذه الموارد تبدأ مكافحتها في وقت بدء المسؤليّة ؛ مثل مكافحة الشرك والظلم.

القسم الثاني: مفاسد ليست لها أرضيّة اجتماعيّة كافية لمكافحتها، وفي مثل هذه الموارد تُكافح السلبيّات شيئاً فشيئاً، مثل نزول بعض التشريعات الإسلاميّة تدريجيّاً في العصر النبويّ، ومكافحة الإمام عليّ عليه‏السلام للفساد الإداريّ والاقتصاديّ من أوّل أيّام الحكومة، ولكنّ الأرضية لم تكن مهيّأة لبعض الإصلاحات الثقافيّة، فقد كان عليه‏السلام يقول:

۰.لَو قَدِ استَوَت قَدَمايَ مِن هذِهِ المَداحِضِ لَغَيَّرتُ أشياءَ.۱

ولذلك توقّفت مكافحة بعض الانحرافات في الحكومة العلويّة على توفّر الأرضيّات اللاّزمة.۲

وعلى هذا الأساس يبدو أنّ مكافحة بعض الانحرافات في الحكومة المهدويّة يكون دفعة واحدة، ويبدأ بالتزامن مع ظهور الإمام المهديّ علیه السلام ، ولكن تصحيح الثقافة العامّة يتحقّق بنحو تدريجيّ مع تخطيط خاصّ.

۵. استئصال الضلال

إنّ التطوّر العلميّ والمعرفيّ، والاطّلاع على المعارف القرآنيّة الأصيلة، والمكافحة

1.. نهج البلاغة: الحكمة ۲۷۲ وراجع موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام : ج ۲ ص ۳۸۵ ح ۱۳۴۸ .

2.. لمزيد من التوضيح راجع: موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام : ج ۲ ص ۲۸۶ سياسة الإمام في مواجهةالإنحراف .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
308

والأساسيّة في حكومة الإمام المهديّ علیه السلام ، وأشارت إلى ذلك بعض الأحاديث التي تحدّثت عن بناء مساجد كبيرة خلال الحكومة المهدويّة.۱

۴. المكافحة الحاسمة للفساد والانحرافات

لا شكّ في أنّ أوّل برنامج لدولة الإمام المهديّ علیه السلام هو مكافحة الفساد الاجتماعيّ والانحرافات العقائديّة والأخلاقيّة والعلميّة، ومقدّمة هذه المعركة الكبرى تبدأ من التطوّر العقليّ والعمليّ للمجتمع، والاطّلاع على معارف القرآن الأصيلة، كما لا يمكن تعميق الإيمان ونشره أيضاً من دون هذا الجهاد الثقافيّ. وهذه المكافحة من أوضح مصاديق الآية الشريفة الآتية:

«الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ».۲

وشرح الإمام الباقر عليه‏السلام هذه الآية في حديث فقال:

هذِهِ الآيَةُ لآلِ مُحَمَّدٍ؛ المَهدِيِّ وَأَصحابِهِ، يُمَلِّكهُمُ اللّه‏ُ مَشارِقَ الأَرضِ ومَغارِبَها، ويُظهِرُ الدّينَ، ويُميتُ اللّه‏ُ عز و جل بِهِ وَبِأَصحابِهِ البِدَعَ وَالباطِلَ، كَما أماتَ السَّفَهَةُ الحَقَّ، حَتّى لا يُرى أثَرٌ مِنَ الظُّلمِ، ويَأمُرونَ بِالمَعروفِ ويَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ، وللّه‏ِِ عاقِبَةُ الأُمورِ.۳

وهنا يُطرح هذا السؤل: هل سياسة الحكومة المهدويّة فوريّة أم تدريجيّة في مواجهة السلبيّات؟ وبعبارة أُخرى: هل يبدأ الإمام المهديّ علیه السلام بعد ظهوره مباشرة بمكافحة أنواع المفاسد والسلبيّات في آنٍ واحد، أم أنّه يدير تنفيذ ما يبتغيه من الإصلاحات بنحوٍ تدريجيّ وفقاً لبرنامج وتوقيت خاصّ؟

1.. راجع: ص ۱۷۵ (الفصل الثالث / بناء المساجد الواسعة).

2.. الحج: ۴۱.

3.. راجع: ص ۱۷۷ ح ۱۸۰۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8160
صفحه از 483
پرینت  ارسال به