فأوّل ركيزة للقيم الإسلاميّة هي التعقّل۱ ؛ لأنّ المسلم يحتاج إلى العلم والمعرفة في كلّ عمل يريد إنجازه. خاطب الإمام عليّ عليهالسلام أحد أصحابه باسم كميل فقال:
۰.ما مِن حَرَكةٍ إلاّ وأنتَ مُحتاجٌ فيها إلى مَعرِفَةٍ.۲
وأهمّ خصوصيّة للمنتظرين الحقيقيّين والممهّدين للحكومة المهدويّة هي تطوّر وكمال العقل والمعرفة. نُقل عن الإمام زين العابدين عليهالسلام أنّه قال في هذا الصدد:
۰.وَالمُنتَظِرينَ لِظُهورِهِ أفضَلُ مِن أهلِ كُلِّ زَمانٍ؛ لِأَنَّ اللّهَ ـ تَبارَك وتَعالى ـ أعطاهُم مِنَ العُقولِ وَالأَفهامِ وَالمَعرِفَةِ ما صارَت بِهِ الغَيبَةُ عِندَهُم بِمَنزِلَةِ المُشاهَدَةِ.۳
وبذلك تغدو المعرفة والوعي الدعامة الرئيسة للثورة المهدويّة، وستبدأ من هذه النقطة محاربة الانحرافات والسعي لتأسيس المجتمع الإسلاميّ المثاليّ. ورد قول جميل عن الإمام عليّ عليهالسلام في الموضوع هذا نصّه:
حَتّى إذا وافَقَ وارِدُ القَضاءِ انقِطاعَ مُدَّةِ البَلاءِ، حَمَلوا بَصائِرَهُم عَلى أسيافِهِم، ودانوا لِرَبِّهِم بأمرِ واعِظِهِم۴.۵
وعالميّة الثورة المهدويّة وتواصلها يتطلّبان تطوّر العلم والمعرفة ؛ ولذلك فالإجراءات الثقافيّة الأكثر أساسيّة في حكومة الإمام المهديّ علیه السلام هي تطوير وتعميق معرفة المجتمع ووعيه.
روى ثقة الإسلام الكلينيّ عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال:
1.. روي عن الإمام عليّ عليهالسلام أنّه قال: «قَواعدُ الإسلامِ سَبعَةٌ: فَأَوَّلُها العَقلُ...». تحف العقول: ص ۱۹۶.
2.. تحف العقول: ص ۱۷۱، بشارة المصطفى: ص ۲۵ عن كميل بن زياد، بحار الأنوار: ج ۷۷ ص ۲۶۷ ح ۱.
3.. راجع: ج ۴ ص ۷۶ ح ۹۳۵.
4.. اعتبر بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ المعني من «الواعظ» هو النبيّ صلىاللهعليهوآله؛ لقرينة الجمل التالية في الخطبة، ولكنيبدو أنّ تلك الجمل هي مقطع آخر من حديث الإمام اختاره وقطّعه السيّد الرضيّ، ونقله مباشرة بعد القسم الذي نقلناه، ولذلك ووفقاً لماجاء في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ج ۹ ص ۱۳۲ وبقرينة عنوان الخطبة، فالمقصود هو بقيّة اللّه الأعظم الإمام المهديّ علیه السلام أرواحنا فداه.
5.. نهج البلاغة: الخطبة ۱۵۰ وبحار الأنوار: ج ۲۹ ص ۶۱۶ ح ۲۹.