305
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

فأوّل ركيزة للقيم الإسلاميّة هي التعقّل۱ ؛ لأنّ المسلم يحتاج إلى العلم والمعرفة في كلّ عمل يريد إنجازه. خاطب الإمام عليّ عليه‏السلام أحد أصحابه باسم كميل فقال:

۰.ما مِن حَرَكةٍ إلاّ وأنتَ مُحتاجٌ فيها إلى مَعرِفَةٍ.۲

وأهمّ خصوصيّة للمنتظرين الحقيقيّين والممهّدين للحكومة المهدويّة هي تطوّر وكمال العقل والمعرفة. نُقل عن الإمام زين العابدين عليه‏السلام أنّه قال في هذا الصدد:

۰.وَالمُنتَظِرينَ لِظُهورِهِ أفضَلُ مِن أهلِ كُلِّ زَمانٍ؛ لِأَنَّ اللّه‏َ ـ تَبارَك وتَعالى ـ أعطاهُم مِنَ العُقولِ وَالأَفهامِ وَالمَعرِفَةِ ما صارَت بِهِ الغَيبَةُ عِندَهُم بِمَنزِلَةِ المُشاهَدَةِ.۳

وبذلك تغدو المعرفة والوعي الدعامة الرئيسة للثورة المهدويّة، وستبدأ من هذه النقطة محاربة الانحرافات والسعي لتأسيس المجتمع الإسلاميّ المثاليّ. ورد قول جميل عن الإمام عليّ عليه‏السلام في الموضوع هذا نصّه:

حَتّى إذا وافَقَ وارِدُ القَضاءِ انقِطاعَ مُدَّةِ البَلاءِ، حَمَلوا بَصائِرَهُم عَلى أسيافِهِم، ودانوا لِرَبِّهِم بأمرِ واعِظِهِم۴.۵

وعالميّة الثورة المهدويّة وتواصلها يتطلّبان تطوّر العلم والمعرفة ؛ ولذلك فالإجراءات الثقافيّة الأكثر أساسيّة في حكومة الإمام المهديّ علیه السلام هي تطوير وتعميق معرفة المجتمع ووعيه.

روى ثقة الإسلام الكلينيّ عن الإمام الباقر عليه‏السلام أنّه قال:

1.. روي عن الإمام عليّ عليه‏السلام أنّه قال: «قَواعدُ الإسلامِ سَبعَةٌ: فَأَوَّلُها العَقلُ...». تحف العقول: ص ۱۹۶.

2.. تحف العقول: ص ۱۷۱، بشارة المصطفى: ص ۲۵ عن كميل بن زياد، بحار الأنوار: ج ۷۷ ص ۲۶۷ ح ۱.

3.. راجع: ج ۴ ص ۷۶ ح ۹۳۵.

4.. اعتبر بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ المعني من «الواعظ» هو النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله؛ لقرينة الجمل التالية في الخطبة، ولكنيبدو أنّ تلك الجمل هي مقطع آخر من حديث الإمام اختاره وقطّعه السيّد الرضيّ، ونقله مباشرة بعد القسم الذي نقلناه، ولذلك ووفقاً لماجاء في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ج ۹ ص ۱۳۲ وبقرينة عنوان الخطبة، فالمقصود هو بقيّة اللّه‏ الأعظم الإمام المهديّ علیه السلام أرواحنا فداه.

5.. نهج البلاغة: الخطبة ۱۵۰ وبحار الأنوار: ج ۲۹ ص ۶۱۶ ح ۲۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
304

(۲)

السياسات الثقافيّة

الحكومة المهدويّة في الحقيقة هي مقدّمة لثورة ثقافيّة عميقة ؛ لأنّ الهدف الرئيس لهذه الحكومة هو تزكية الأجواء الثقافيّة وتحكيم القيم الإنسانيّة والإسلاميّة في المجتمع، فتعميق واستمرار الثورة الاجتماعيّة لا يتأتّيان دون تغيّر ثقافيّ، وبناء عليه فالسياسات الثقافيّة هي أكثر السياسات الحكوميّة أساسيّة للإمام المهديّ علیه السلام .

وأبرز هذه السياسات التي أُشير إليها في أحاديث أهل البيت عليهم‏السلام هي:

۱. تنميّة وتعميق المعرفة والوعي

لا شكّ بأن العلم والمعرفة والوعي هي من الدعائم الرئيسة للحضارة الإسلاميّة الحديثة، والدليل عليه أنّ جميع الآيات والأحاديث تدعو الناس إلى التعقّل والتفكير۱، وخلاصة هذه الأدلّة يمكن ملاحظتها في حديثين عن النبيّ الأكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأمير المؤنين عليه‏السلام. ففي حديث عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه قال:

۰.خَيرُ الدُّنيا وَالآخِرَةِ مَعَ العِلمِ، وشَرُّ الدُّنيا وَالآخِرَةِ مَعَ الجَهلِ.۲

وروي عن الإمام عليّ عليه‏السلام أنّه قال:

۰.العِلمُ أصلُ كلِّ خَيرٍ، الجَهلُ أصلُ كلِّ شَرٍ.۳

1.. راجع: موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۱ و ۲ .

2.. روضة الواعظين: ص ۱۷.

3.. غرر الحكم: ح ۸۱۸ ـ ۸۱۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8381
صفحه از 483
پرینت  ارسال به