بحيث يمكن أخذ الجزية كما في السابق، والقبول بمثل هذا التغيير دون حضور الإمام المهديّ علیه السلام صعب جدّاً، بل يكاد يكون مستحيلاً ؛ لأنّ حركة العالم تسير نحو رفع المزيد ممّا يشابه هذه الأحكام، وحرّية العمل، ومساواة أكثر بين الأشخاص في اختيار الدين والمذهب.
فالتغيير الحاصل بمجيء الإمام عليهالسلام هو فرض حكم الجزية وتطبيقه لا إيقافه ؛ لأنّه لم يكن يُطبّق قبل مجيء الإمام لكي يتوقّف بعده.
النتيجة
نستنتج من دراسة مجموع أدلّة هذا الباب أنّ أيّ نظرية من نظريّتي «وحدة الدين» و «كثرة الأديان» في المجتمع المهدويّ لا تتطابق مع جميع الأدلّة، فكلتا النظريّتين تتجاهل بعضاً منها، أمّا النظريّتان الأُخريان فهما تسعيان للجمع بين الأدلّة.
فنظريّة «وحدة الدين وكثرة الشرائع» معقولة بعض الشيء، ولكنّ القبول بها يتطلّب مزيداً من الأدلّة والشواهد، وينبغي الإجابة عن سؤل هو: ما الفائدة من بقاء الشرائع الأُخرى رغم وجود الشريعة الأسمى والأفضل؟ وبعبارة اُخرى: عندما تتاح الشريعة الإسلاميّة السهلة والسمحاء للجميع ويطّلعون عليها، فما السبب من إصرار بعض الأشخاص ليثبتوا على شرائعهم القديمة؟ إصرار لا يجدي سوى الحرمان من مزايا الشريعة الأسمى.
ولعلّ من عوامل تعلّق البشر بالشرائع السابقة هو الاختلاف الثقافيّ والقوميّ، مثلما تختلف أزياء ولهجات الأشخاص والقوميّات المختلفة. ويمكن السماح ببعض الافتراق في الكيفيّات الشرعيّة أيضاً، ولكن عند التطلّع إلى الشريعة الإسلاميّة وشعائرها ودعوتها البشر للاتّحاد والأداء المشترك في القضايا الشرعيّة، مثل: صلاة الجماعة ومناسك الحجّ والعمرة وسائر الأعمال العباديّة الجماعيّة، نجد أنّ سياسة الإسلام هي المضيّ نحو الوحدة والانسجام، وبناء عليه فنظريّة وحدة الدين وكثرة الشرائع تستطيع الجمع بين الأدلّة