231
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

ببقاءٍ ظاهريّ للأديان الأُخرى، سواء الآيات الدالّة على استمرار العداوة بين اليهود والمسيحيّين، أو على عذاب اليهود، أو على تفوّق أتباع عيسى عليه‏السلام على الكفّار، وقد ورد في جميعها ظرف «إلى يوم القيامة» ؛ أي أنّ الدلالات المذكورة ستستمرّ إلى يوم القيامة.

ويحكي ظاهر هذه الآيات عن كثرة الأديان إلى يوم القيامة، ولكن لا يمكن القول بضرورة وجود المنكرين دائماً كي يكون هناك معنىً لتفوّق أنصار الحقّ ؛ بسبب استمراره في هذه الآية إلى اليوم المذكور ؛ لأنّ إثبات الحكم لشيء لا يثبت وجود موضوعه ومصداقه في عالم الواقع، والأحكام الواردة في النصوص الدينيّة للموضوعات جاءت مشروطة ؛ أي يجري حكمها شريطة وجود المصداق، فمثلاً عندما نقول: «إِنِّي سِلمٌ لِمَن سَالَمَكم، وَحَربٌ لِمَن حَارَبَكم إِلَى يَومِ القِيَامَة»۱، فنحن لا نقصد وجود أشخاص إلى القيامة فعلاً لكي نسالمهم أو نحاربهم، بل المقصود هو استمرار المودّة والعداء، وليس بقاء أصحابهما، فمثلاً نحن نعادي ونتبرّأ من يزيد وشمر وابن زياد على الرغم من عدم وجودهم في الدنيا، وهنا يقال أيضاً بأنّ العداء مستمرّ بينهما إلى القيامة، وهذا لا يعني وجود الطرفين فعلاً ؛ أي أنّهما لو وُجدا لتعاديا.

وعلينا أن نأخذ بنظر الاعتبار أنّ هذا التعبير أُسلوب بيانيّ تأكيديّ عرفيّ يُستعمل في مواقف كثيرة ؛ ومعناه الإصرار والاستمرار في أمر ما، وليس بمعنى الاستمرار الزمنيّ إلى القيامة. فعلى سبيل المثال عندما نقول: «إنّي لن أفعل مثل هذا العمل أبداً»، فالمقصود ليس أنّي مادمت موجوداً فلن أفعل كذا، بل نريد إظهار التأكيد والجدّية في ترك العمل. وبعبارة أُخرى، نريد أن نقول: لن أفعل هذا العمل ما دمت حيّاً.

فلا ضرورة إذن لبقاء جماعة من أهل الكتاب إلى يوم القيامة ووجود عداوة بينهم، أو تفوّق جماعة منهم على الأُخرى.

1.. زيارة الإمام الحسين عليه‏السلام في يوم عاشوراء، كامل الزيارات: ص ۱۷۶.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
230

كانَ لي أَن أَقتُلَ المُوَلِّيَ وَأُجهِرَ عَلَى الجَريحِ، ولكِنّي تَرَكتُ ذلِكَ لِلعاقِبَةِ مِن أصحابي؛ إِن جُرِحوا لَم يُقتَلوا. وَالقائِمُ لَهُ أن يَقتُلَ المُوَلّيَ ويُجهِرَ عَلَى الجَريحِ.۱

وأصحاب الإمام المهديّ علیه السلام لن يقعوا تحت وطأة العدوّ خلافاً لأصحاب الإمام عليّ عليه‏السلام، فظروف هذين الإمامين مختلفة، ومثل هذا التعامل الشديد إنّما هو مع من لا سبيل لإصلاحه، ويحتمل التحاقه بمعسكر العدوّ وتعزيز قوّته العسكريّة، وفي غير هذا الفرض فسيرة الإمام عليه‏السلام مرتكزة على الهداية والرأفة بالعباد.

وما قيل في تشدّد الإمام فالظاهر أنّه متعلّق بجماعة خاصّة من المعاندين المستبدّين بآرائهم مثل بعض العرب، وقد اهتمّ بهذا الموضوع عدد من الأحاديث، مثل رواية زُرارة عن الإمام الصادق عليه‏السلام، حيث قال:

۰.مَا بَقِيَ بَينَنَا وَبَينَ العَرَبِ إِلا الذَّبحُ ـ وَأَومَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلقِهِ ـ.۲

وقد صرّحت بعض هذه الأحاديث بأنّه لم يبقَ بين أهل البيت عليهم‏السلام وبين قريش إلاّ السيف، مثل رواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‏السلام في قوله:

۰.إذا خَرَجَ القائِمُ لَم يَكُن بَينَهُ وبَينَ العَرَبِ وقُرَيشٍ إلاَّ السَّيفَ، ما يَأخُذُ مِنها إلاَّ السَّيفُ.۳

ومثل رواية محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه‏السلام في قوله:

۰.ولا يُعطيها إلاَّ السَّيفَ.۴

دراسة أدلّة بقاء الأديان إلى يوم القيامة

ضمّت الأدلّة القرآنيّة الخاصّة بمؤّدي كثرة الأديان في المجتمع المهدويّ ألفاظاً صريحة

1.. الغيبة للنعمانيّ: ص ۲۳۱ ح ۱۵.

2.. الغيبة للنعمانيّ: ص ۲۳۶ ح ۲۴ .

3.. المصدر السابق: ص ۲۳۴ ح ۲۱ .

4.. المصدر السابق: ص ۲۳۳ ح ۱۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8514
صفحه از 483
پرینت  ارسال به