227
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

وسيكون له في المستقبل أيضاً، فذكر حديث أبي نصر عن الإمام الصادق عليه‏السلام ما للإمام المهديّ علیه السلام من سنن الأنبياء عليهم‏السلام، ومنها: «سُنَّةٌ مِن مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فِي السَّيفِ يَظهَرُ بِهِ»۱، وهذه كناية عن الجهاد والكفاح المسلّح ضدّ الظالمين والمحاربين. ونُقل المضمون نفسه بطرق أُخرى عن الإمام الصادق عليه‏السلام وعن أبيه الجليل أيضاً.

وبيّن حديث آخر عن الإمام الباقر عليه‏السلام تشابه الإمام عليه‏السلام مع خمسة من الأنبياء العظام، وتطرّق إلى شبهه برسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في القيام المسلّح وقتله أعداء اللّه‏ ورسوله قائلاً:

وَأَمَّا شَبَهُهُ مِن جَدِّهِ المُصطَفى صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فَخُروجُهُ بِالسَّيفِ، وقَتلُهُ أَعداءَ اللّه‏ِ وأعداءَ رَسولِهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَالجَبّارينَ والطَّواغيتَ، وأَنَّهُ يُنصَرُ بِالسَّيفِ وَالرُّعبِ.۲

وبناء عليه، لا شكّ في أصل مشابهة الإمام عليه‏السلام بالنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في القيام المسلّح، والأحاديث متعدّدة في هذا الموضوع، ولكنّ ذلك لا يعني وجوب القضاء على كلّ مخالف سواء كان محارباً أو غير محارب، فالمخالفون عدّة أصناف: جماعة يعادون الحقّ عناداً، وجماعة جهلاً، ولا يستوي حكمهما عقلاً وشرعاً. والعمل الرئيسيّ للإمام وحجّة اللّه‏ هو هداية الناس، وينبغي أن تكتسب بقيّة الأعمال معناها في ضوء تلك الهداية.

ورحّب النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ بعد اجتياز المراحل المتقدّمة ـ باقتراح الصلح دائماً حتّى من قبل الكفّار والمشركين۳، واعتبره فرصة لنشر الإسلام وإيصال رسالة التوحيد إلى أسماع الجميع، وبهذه الطريقة زال الشرك والكفر من شبه الجزيرة العربيّة تدريجيّاً، وسلّم أتباعُ الديانات الأُخرى وأعطوا الجزية.

1.. إثبات الوصيّة: ص ۲۶۷.

2.. راجع: ص ۵۴ ح ۱۶۶۱.

3.. وما جرى في صلح الحديبية درس وعبرة في هذا المجال، حيث أبرم هذا الصلح لعشر سنوات يأمن المسلمون خلالها شرّ المشركين، ويأتون إلى مكّة في العام التالي، والنتيجة أنّ المشركين لم يستطيعوا البقاء على عهدهم، وفتحت مكّة بعد سنتين راجع: الطبقات الكبرى: ج ۳ ص ۳۳۲.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
226

المظهر العامّ للمجتمع من الشرك.

ونهاية هذه الآية الشريفة: «وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» تعني إمكانيّة وجود أشخاص يليق بهم وصف الكفر والفسق في ذلك الزمان، لا أن يعيش الصالحون فقط على الأرض.

تشابه سيرة الإمام المهديّ علیه السلام مع سيرة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله

تتشابه طريقة وسيرة الإمام المهديّ علیه السلام مع سيرة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الذي اعتمد الحكمة والموعظة الحسنة في دعوته إلى الإسلام، مثلما علّمه القرآن الكريم فقال:

«ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ».۱

ولكن عندما لا تجدي طريقة الحكمة والموعظة والاستدلال، يحين دور أساليب أُخرى مثل المباهلة، قال القرآن الكريم:

«فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ».۲

وإذا لم تنفع هذه الطريقة أيضاً، وتمادى المعاندون في عنادهم ولم يرضوا بأيّ طريق منطقيّ مرن، يصل دور الطرق الصعبة، مثل الحرب والإلزام، حيث أمر اللّه‏ تعالى رسوله:

«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ».۳

فالجهاد إنّما هو لمَحق الفتنة والظلم، ولهذا الحكم مصداق في زمن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله،

1.. النحل: ۱۲۵.

2.. آل عمران: ۶۱.

3.. البقرة: ۱۹۳.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8421
صفحه از 483
پرینت  ارسال به