225
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

سيأخذ طريقه إليهم.

وعلى أيّ حال، فمن المسلّم به خلوّ المجتمع المهدويّ من أيّ أثر للشرك ومظاهره، مثل عبادة الأصنام والأوثان، ولهذا الموضوع خلفيّات في تلك الديانات ذاتها ؛ لأنّ الأديان الشرقيّة تمتلك نواة للتوحيد على الرغم من الظواهر الباطلة المشوبة بالشرك۱، وهذا الأمر يفضي إلى توفير أرضيّة لزوال تلك الظواهر.

كيفيّة غلبة الإسلام على سائر الأديان

تقودنا الآيات المتعلّقة بظهور الإسلام على جميع الأديان إلى وجوب القبول بأنّ الأديان ستفقد في نهاية المطاف تألّقها، وستخبو أنوارها حيال ضياء الإسلام. وفيما يلي نتأمّل مرّة أُخرى في هذه الآية:

«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ».۲

لا تتنافى غلبة الإسلام مع بقاء سائر الأديان تابعة له ومنضوية تحت لوائه، ولا تعني حكومة الصالحين والتسليم لدين الحقّ والعبادة المنزّهة من الشرك أن لا يوجد أيّ مذنب أو منحرف في مثل ذلك المجتمع، بل تعني أنّ زمام الحكم بيد المؤنين الصالحين، وخلوّ

1.. نقل عن العلاّمة الطباطبائيّ أنّه كان يعتبر الأوبانيشاد ـ كتاب الهندوس المقدّس ـ زاخراً بالتوحيد الأصيل. قال الدكتور شايكان عن دراسة العلاّمة الطباطبائيّ المقارنة بين أديان ومذاهب العالم: إضافة إلى إحاطة العلاّمة الطباطبائيّ الشاملة بجميع جوانب الثقافة الإسلاميّة، تصدّى لتفسير نصوص الأديان الأُخرى بحالة من الكشف والشهود ، حتّى لكأنّه اشترك في تدوينها، ولم يرَ فيها أبداً أي تعارض مع روح العرفان الإسلاميّ، وألِفَ وامتزج بفلسفة الهند قدر ما ألِفَ وامتزج مع الرؤة الكونيّة الصينيّة والمسيحيّة زير آسمان‏هاى جهان «بالفارسيّة»: ص ۴۱ ـ ۴۲ .

2.. النور: ۵۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
224

الإسلاميّة، وستشهد المناطق المذكورة حروبه الأُولى، إضافة إلى منطقة الشامات وتركيا وروسيا أحياناً، وبناء عليه فأعداؤ في المرحلة الأُولى إمّا من المسلمين المعاندين في الحجاز ومناطق أُخرى، أو من أهل الكتاب، وعلى هذا الأساس يبدو أنّ الإمام عليه‏السلام في بداية النهضة لن يدخل في صراع مع أتباع سائر الديانات مثل: الهنديّة والصينيّة واليابانيّة.

ويمكن في هذه المرحلة أن يطلب جماعة من أهل الكتاب المصالحة مع الإمام عليه‏السلام ويقبلوا بإعطاء الجزية، وسيرحّب الإمام باقتراحات الصلح شريطة تصحيح بعض العقائد الباطلة۱ والتخلّي عن بعض الأعمال السيّئة.۲

وبالتزامن مع هذه الإصلاحات، يتولّى أتباع الإمام المهديّ علیه السلام الدعوة إلى الثقافة الإسلاميّة والتوحيديّة في جميع أرجاء العالم، ويخرجون بالجدل الأحسن كثيراً من الضلالة والجهل، فيتناقص مجتمع الكفّار يوماً بعد يوم، وتزداد جماعة الموحّدين حتّى لا يُسمع في أيّ مكان من الأرض إلاّ صوت الأذان والشهادة بوحدانيّة اللّه‏ ورسالة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وفقاً لكثير من الأحاديث.

ولو بقي أحد على بعض الأديان الأُخرى إلى ذلك الحين في نقطة من الأرض، فسيهتدي إلى الحقيقة بقدرة الإمام وأصحابه الاستدلاليّة، ويميل إلى الاعتقاد بالدين الإسلاميّ، فإن لم يتمّ ذلك في الجيل الأوّل، فلا شكّ بأنّه سيتحقّق في الأجيال التالية تحت ظلال تعاليم حكومة الإمام المهديّ علیه السلام العالميّة.

ربّما لن يحصل صراع وحرب بين الإمام عليه‏السلام والبوذيّين والهندوس وأتباع الطاويّة والشنتويّة نظراً إلى ما ورد في النصوص الدينيّة، وستزداد معرفتهم تدريجيّا بحقيقة الإسلام ويُقبلون على التوحيد لمشاهدتهم أوضاع الحكومة الإسلاميّة وتقدّمها، للتثقيف الذي

1.. مثل: التثليث، واعتبار عيسى عليه‏السلام ابناً للّه‏ سبحانه وتعالى، واعتبار بني إسرائيل الأُمّة المختارة، وغير ذلك. وهذاالموضوع مضمون عدد من أحاديث هذا الباب، حيث تمّ التذكير فيها بعبادة اللّه‏ ونشر التوحيد في أرجاء الأرض.

2.. مثل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وتقديس الصليب، وغير ذلك ممّا ورد في عدد من أحاديث الباب.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8326
صفحه از 483
پرینت  ارسال به