219
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

وهذه الإجابة كناية عن أنّ معظم الناس سيُسلمون في ذلك الزمان.

ويكشف هذا الحديث عن القَسر والإكراه في إسلام جماعة من الناس في المجتمع المهدويّ، ولا يمكن القول بوجود أديان أُخرى، ولا يمتلك أتباع الديانات الأُخرى حرّية العمل، وعليهم الالتزام بالأحكام الإسلاميّة.

۴. رفع الجِزية

ممّا اهتمّت به الأحاديثُ هو نوع سلوك الإمام المهديّ علیه السلام تجاه أهل الكتاب، فذهب بعضها إلى أنّه لا يُقبل الجزية منهم۱، كالحديث المعروف بـ «سبعين فضيلة لأمير المؤنين عليه‏السلام»، حيث ورد في الفضيلة الثالثة والخمسين:

۰.إِنَّ اللّه‏َ تَبارَكَ وتَعالى لَن يَذهَبُ بِالدُّنيا حَتّى يَقومَ مِنَّا القائِمُ، يَقتُلُ مُبغِضينا، ولا يَقبَلُ الجِزيَةَ، ويَكسِرُ الصَّليبَ وَالأَصنامَ، وتَضَعُ الحَربُ أوزارَها.۲

كما نقل العيّاشيّ في تفسيره عن الإمام الباقر عليه‏السلام أنّ الإمام المهديّ علیه السلام لا يقبل الجزية، واعتبره تفسيراً لآية: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ»۳، فقال الإمام عليه‏السلام:

۰.يُقاتِلونَ وَاللّه‏ِ حَتّى يُوَحَّدَ اللّه‏ُ ولا يُشرَكَ بِهِ شَيءٌ.۴

ونقلت بعض الكتب الحديثيّة رواية عن الفتوحات المكّية لابن عربي، تكلّمت عن مهديّ آل محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ونسبه وأعماله، ومنها أنّه يضع الجزية۵، واختلفت الآراء في معنى جملة «يضع الجزية»، فرأى بعضهم أنّها تعني رفع حكم الجزية، واعتبرها آخرون خلافاً لذلك بمعنى الإقرار بحكمها.

1.. وهي تتعارض مع ما تقدّم من أحاديث في قبول الجزية من أهل الكتاب.

2.. راجع: ص ۲۵۸ ح ۱۸۷۹.

3.. الأنفال: ۳۹ والآية ۱۹۳ من سورة البقرة تشبه هذه الآية أيضا سوى عدم وجود كلمة «كلّه» فيها .

4.. راجع: ص ۷۶ ح ۱۶۸۲.

5.. إلزام الناصب: ج ۱ ص ۲۹۵، شرح أُصول الكافي لملاّ صدرا: ج ۱ ص ۵۶۰، الوافي: ج ۲ ص ۴۷۱.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
218

لَو يَعلَمُ النّاسُ ما يَصنَعُ القَائِمُ إذَا خَرَجَ لَأَحَبَّ أَكثَرُهُم الاَّ يَرَوهُ.۱

ووفقاً لهذه الأوصاف لا يمكن القبول بأنّ للإمام الحجّة عليه‏السلام نفس مرونة الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ويسمح لمخالفيه أن يظلّوا على دينهم ويعيشوا في ظلّ حكومته بِدِعَة وراحة، ويلزم من هذا التعامل أن يقضي على كلّ من لا يؤن به، وهذا يعني وحدة حصريّة في الدين الإسلاميّ، وقضاء على جميع الأديان الأُخرى السماويّة وغيرها.

۳. الإلزام والإكراه على تغيير الدين

يعتقد بعض الباحثين بأنّ الدين سيصبح إجباريّاً في المجتمع المهدويّ استناداً إلى عدّة أحاديث ؛ أي من الأفضل لو يؤن شخص برغبته، وإن لم يفعل فعليه أن يسلم بالسيف، وإلاّ سيُعاقب وتُضرب عنقه.

تسند هذه المجموعة رأيها بحديث في تفسير العيّاشيّ منقول عن ابن بكير۲ عن الإمام الكاظم عليه‏السلام، حيث قال:

سَألتُ أبَا الحَسَنِ عليه‏السلام عَن قَولِهِ: «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»،۳ قالَ: أُنزِلَت فِي القائِمِ عليه‏السلام إذا خَرَجَ بِاليَهودِ وَالنَّصارى وَالصّابِئينَ وَالزَّنادِقَةِ وأهلِ الرّدَّةِ وَالكُفّارِ في شَرقِ الأَرضِ وغَربِها، فَعَرَضَ عَلَيهِمُ الإسلامَ، فَمَن أسلَمَ طَوعاً أمَرَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وما يُؤَرُ بِهِ المُسلِمُ ويَجِبُ للّه‏ِِ عَلَيهِ، ومَن لَم يُسلِم ضَرَبَ عُنُقَهُ، حَتّى لا يَبقى فِي المَشارِقِ وَالمَغارِبِ أحَدٌ إلاّ وَحَّدَ اللّه‏َ.

قُلتُ لَهُ: جُعِلتُ فِداكَ، إنَّ الخَلقَ أكثَرُ مِن ذلِكَ! فَقالَ: إنَّ اللّه‏َ إذا أرادَ أمراً قَلَّلَ الكَثيرَ وكَثَّرَ القَليلَ.۴

1.. المصدر السابق: ص ۲۳۳ ح ۱۸.

2.. ابن بكير فَطَحيّ المذهب، ولكن وثّقه بعض الرجاليّين.

3.. آل عمران: ۸۳ .

4.. تفسير العيّاشي: ج ۱ ص ۱۸۳، بحار الأنوار: ج ۵۲ ص ۳۴۰ ح ۹۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8270
صفحه از 483
پرینت  ارسال به