207
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

فَقالَ: بِسيرَةِ ما سارَ بِهِ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حَتّى يُظهِرَ الإِسلامَ. قُلتُ: وما كانَت سيرَةُ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟ قالَ: أَبطَلَ ما كانَ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَاستَقبَلَ النّاسَ بِالعَدلِ. وكَذلِكَ القائِمُ عليه‏السلام ؛ إذا قامَ يُبطِلُ ما كانَ فِي الهُدنَةِ مِمّا كانَ في أَيدِي النّاسِ، ويَستَقبِلُ بِهِمُ العَدلَ.۱

وذكر النعمانيّ حديثاً عن الإمام الصادق عليه‏السلام ورد فيه تعبير: «كَما صَنَعَ رَسولُ اللّه‏ِ» ؛ لبيان أنّ سلوك القائم عليه‏السلام يشابه سلوك الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في هدم مظاهر الشرك والكفر والبدع۲، كما أنّ الرواية عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‏السلام استخدمت تعبير «يُسالِمُهُم كَما سالَمَهُم رَسُولُ اللّه‏ِ»۳.۴

وبناء عليه، سيعمل الإمام المهديّ علیه السلام بالاستدلال والاحتجاج الحسن والهداية في الدعوة إلى الإسلام، كما عمل رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

۲. أخذ الجزية من أهل الكتاب في المجتمع المهدويّ

الجزية ضريبة مخصّصة بأهل الكتاب، كما أنّ للمسلمين عدّة أنواع من الضرائب يدفعونها إلى الحاكم الإسلاميّ، منها: الخمس والزكاة وزكاة الفطرة. ومن البديهيّ أن يتمتّع كلّ من يعيش في مجتمع بما يوفّره له من امتيازات تشمل الأمن والرفاهية والاستفادة من الخدمات الحكوميّة وما شاكلها، ولا يمكن في المجتمع الإسلاميّ أن يدفع المسلمون تكاليف إدارة المجتمع ولا يدفع أهل الكتاب شيئاً ويتمتّعوا بما يمنحهم إيّاه المجتمع، فالجزية تعويض عن بعض التكاليف التي يتحمّلها المجتمع الإسلاميّ من أجل أهل الكتاب. ويحكم القرآن الكريم في ذلك كما يلي:

1.. تهذيب الأحكام: ج ۶ ص ۱۵۴.

2.. راجع: ص ۱۲۵ ح ۱۷۰۸.

3.. المزار الكبير: ص ۱۳۵ ح ۷.

4.. لقراءة مزيد من الأحاديث في هذا البحث، راجع: ص ۲۹۴ أُسلوب الحياة الشخصيّة لأهل البيت عليهم‏السلام وص ۲۹۵ (أُسلوب معيشة أئمّة العدل).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
206

للآخرين وإكراههم على الإيمان، وللإمام الرضا عليه‏السلام قول واضح في هذه المسألة عند إجابته للمأمون في فهم الآيات المذكورة، حيث نقل عن آبائه عن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه‏السلام أنّه قال:

إنَّ المُسلِمينَ قالوا لِرَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لَو أكرَهتَ يا رَسولَ اللّه‏ِ مَن قَدَرتَ عَلَيهِ مِنَ النّاسِ عَلَى الإِسلامِ لَكَثُرَ عَدَدُنا وقَوينَا عَلى عَدُوِّنا فَقالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما كُنتُ لِأَلقَى اللّه‏َ عز و جل بِبِدعَةٍ لَم يُحدِث إلَيَّ فيها شَيئاً، وما أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفينَ.

وأُشير في تكملة الحديث إلى نزول الآية المشار إليها، وأنّ اللّه‏ تعالى يقول:

لَو فَعَلتُ ذلِكَ بِهِم لَم يَستَحِقّوا مِنّي ثَواباً ولامَدحاً، لكِنّي أُريدُ مِنهُم أن يُؤمِنوا مُختارينَ غَيرَ مُضطَرّينَ؛ لِيَستَحِقّوا مِنّي الزُّلفى وَالكَرامَةَ وَدَوامَ الخُلودِ في جَنَّةِ الخُلدِ «أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ».۱

كما أنّ سيرة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في التعامل مع أهل الكتاب هي العناية بهم وإبعادهم عن الأذى والإساءة، فنُقلت أحاديث في الجوامع الروائيّة لأهل السنّة عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في هذا الصدد، منها:

مَن آذى ذِمِّيّا۲ فَأَنَا خَصمُهُ، ومَن كُنتُ خَصمَهُ خَصَمتُهُ يَومَ القِيامَةِ.۳

كما ورد في حديث آخر عن ابن عبّاس عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه قال:

۰.تَصَدَّقوا عَلى أهلِ الأديانِ كُلِّها.۴

وينبغي أن يتوضّح أنّ سيرة الإمام المهديّ علیه السلام في الحكم تشابه سيرة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ووردت في هذا المجال أحاديث عديدة بعضها صحيحة.

فجاء في صحيحة محمّد بن مسلم

سَأَلتُ أَبا جَعَفِرٍ عليه‏السلام عَنِ القائِمِ ـ عَجَّلَ اللّه‏ُ فَرَجَهُ ـ إذا قامَ بِأَيِّ سيرَةٍ يَسيرُ فِي النّاسِ

1.. عيون أخبار الرضا عليه‏السلام: ج ۱ ص ۱۳۶، تفسير نور الثقلين: ج ۲ ص ۳۳۱.

2.. المقصود من الذمّي هو اليهوديّ والمسيحيّ والزرادشتيّ الذين يعيشون في حمى الإسلام.

3.. تاريخ بغداد: ج ۸ ص ۳۷۰ الرقم ۴۴۷۳، كنز العمّال: ج ۴ ص ۳۶۲ ح ۱۰۹۱۳.

4.. المصنّف لابن أبي شيبة: ج ۲ ص ۶۷ ح ۱، أحكام القرآن للجصّاص: ج ۱ ص ۵۵۸، الدرّ المنثور: ج ۱ ص ۳۵۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8388
صفحه از 483
پرینت  ارسال به