وبناء عليه، فاحتمال بقاء أهل الكتاب وإمكانيّة استمرار حياتهم تحت ظلّ الحكومة الإسلاميّة، ليس ضعيفا.
وبالتأكيد أنّ هذه الآية منحصرة في أهل الكتاب، ولا دلالة لها في الأديان غير الإلهيّة.
۳. التعايش السلميّ في حكومة الإسلام
لا شكّ في حكم الإسلام للمجتمع المهدويّ، ولكن يمكن افتراض أوضاع يحكم فيها الإسلام وأحكامه مع إمكانيّة حضور سائر الأديان الإلهيّة، وأحد شروط هذا الأمر هو زوال دنس الشرك وعبادة ما سوى اللّه، فيخاطب القرآن الكريم أهل الكتاب ويقول:
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ».۱
اعتنت هذه الآية بنقاط الاشتراك بين الإسلام وأهل الكتاب، وهي تعلّم المسلمين وتقول لهم: إذا لم يتقبّل البعضُ الحقيقةَ بكلّيتها ويعتنق الإسلام، فعليكم بالوحدة مع بعضكم في أصل التوحيد كحدّ أدنى، وادعوهم إلى اجتناب الشرك.
كما أنّ لغة الآية صيغت بنحوٍ يدعو الطرفين معاً إلى اجتناب الشرك ؛ لكيلا يتولّد شعور عند أهل الكتاب بأنّ المسلمين يرون أنفسهم متفوّقين، ويقوى هذا الأُسلوب أكثر عند النظر إلى أصل الكرامة الإنسانيّة الذاتيّة التي أكّدها القرآن الكريم.۲
ويبيّن القرآن الكريم إضافة إلى ذلك السياسةَ العامّة للإسلام في التعامل مع أتباع سائر الأديان، ويقول للمسلمين: تصالحوا معهم ما لم يحاربوكم ولم يضيّعوا حقّكم، بل برّوهم أيضا: