وهنا تُطرح الأسئلة الآتية: ما هي مكانة الأديان الأُخرى في حكومة الإمام المهديّ علیه السلام العالميّة؟ وهل ستزول بظهوره جميع الأديان والمذاهب إلاّ دين ومذهب الحقّ؟ وهل يوجد اختلاف بين الديانات في جهة معيّنة؛ فمثلاً تبقى الديانات لتوحيدها أو تزول بسبب شرك فيها؟ وهل يرغم أتباع سائر الديانات باتّباع الإسلام؟ ولو امتنعوا ما المصير الذي يترقّبهم؟ هل سيقتلون؟
سنواجه عند مراجعة النصوص الدينيّة في البداية إجابات مختلفة ومتعارضة ظاهراً، فنجد وكأنّ النصوص المذكورة ناظرة إلى الأديان السماويّة الإبراهيميّة، وقلّما نجد ديانات أُخرى في هذا الموضوع، ولكن بعض التوضيحات العامّة يمكنها أن تشمل سائر الأديان، كما تشملها التساؤات المطروحة في هذا المقال أيضاً.
ونسعى في هذا البحث إلى دراسة أدلّة هذا الباب، والحصول على أفضل نظريّة، وتقديم بيان منطقيّ للموضوع، ولكيلا يطول المقال لن نذكر إجابات الأسئلة المذكورة بنحوٍ مستقلّ، بل نشير إلى مدى دلالة كلّ واحدة منها في ضمن دراسة الأدلّة.
تنقسم ظواهر النصوص الدينيّة في هذا المجال إلى مجموعتين عامّتين:
الأُولى: ذات منحىً إيجابيّ تدلّ على وجود أديان أُخرى في زمن ظهور الإمام المهديّ علیه السلام ، ولا تفرض على أتباع الأديان الأُخرى تغيير دينهم.
الثانية: ذات منحىً سلبيّ، ولا تقبل بوجود بقيّة الديانات بعد الظهور، وكأنّها تدلّ على تغيير ديانة جميع الناس أو زوالهم.
والخلاصة أنّ هناك ثلاث نظريّات جادّة إلى جانب نظريّة رابعة أضعف منها في هذا المجال، طرحت النظريّتان الأُولى والثانيّة على أساس ظواهر الأدلّة الدينيّة، واهتمّت كلّ منهما بقسم من الأدلّة، ولكنّ النظريّتان الثالثة والرابعة تحاولان إيجاد طريقة لفهم ظروف المجتمع المهدويّ من مجموع الأدلّة، والجمع بينها من خلال الأخذ بنظر الاعتبار كلا القسمين من الأدلّة، في حين ترفض النظرية الثالثة تعدّد الديانات منذ البداية، ولكن