195
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

يُتصوّر بقاء تعدّد الشرائع، بينما تدّعي النظرية الرابعة حضور ديانات أُخرى في بداية الحكومة المهدويّة، ولكنّها ستزول في مسيرة تدريجيّة على مرّ الزمان، ولن يبقى غير الإسلام ديناً.

وسندرس هنا النظرية الأُولى باسم «كثرة الأديان السماويّة في المجتمع المهدويّ»، والثانية باسم «وحدة الدين في المجتمع المهدويّ»، والثالثة باسم «وحدة الدين وكثرة الشرائع في المجتمع المهدويّ»، والرابعة باسم «الزوال التدريجيّ لتعدّد الأديان في المجتمع المهدويّ».

النظريّة الأُولى: كثرة الأديان السماويّة في المجتمع المهدويّ

تعدّدت أدلّة وجود الأديان المختلفة إلى جانب الدين الإسلاميّ، فبعض الآيات القرآنيّة تدلّ على أنّ اليهود والمسيحيّين سيبقون حتّى القيامة، وبعضها يدلّ على إمكانيّة وجود ديانات غير الإسلام أيضاً بالدلالة التضمّنيّة عن طريق نفي الإجبار والإكراه، وهناك أحاديث تدلّ على هذا الأمر. وفيما يلي نبحث هذه النصوص، ونبدأ بالأدلّة القرآنيّة العامّة ثمّ نُردفها بالأدلّة الخاصّة.

أوّلاً: الأدلّة القرآنيّة العامّة

۱. عدم الإكراه في الدين

تدلّ آيات قرآنيّة كثيرة على عدم الإكراه والإجبار في قبول الدين، ومنها آية الكرسيّ التي تنفيه بصراحة:

«لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».۱

وهذا المضمون ورد في عدّة آيات بتعابير مختلفة، وسنشير هنا إلى بعضها فقط

1.. البقرة: ۲۵۶.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
194

وهنا تُطرح الأسئلة الآتية: ما هي مكانة الأديان الأُخرى في حكومة الإمام المهديّ علیه السلام العالميّة؟ وهل ستزول بظهوره جميع الأديان والمذاهب إلاّ دين ومذهب الحقّ؟ وهل يوجد اختلاف بين الديانات في جهة معيّنة؛ فمثلاً تبقى الديانات لتوحيدها أو تزول بسبب شرك فيها؟ وهل يرغم أتباع سائر الديانات باتّباع الإسلام؟ ولو امتنعوا ما المصير الذي يترقّبهم؟ هل سيقتلون؟

سنواجه عند مراجعة النصوص الدينيّة في البداية إجابات مختلفة ومتعارضة ظاهراً، فنجد وكأنّ النصوص المذكورة ناظرة إلى الأديان السماويّة الإبراهيميّة، وقلّما نجد ديانات أُخرى في هذا الموضوع، ولكن بعض التوضيحات العامّة يمكنها أن تشمل سائر الأديان، كما تشملها التساؤات المطروحة في هذا المقال أيضاً.

ونسعى في هذا البحث إلى دراسة أدلّة هذا الباب، والحصول على أفضل نظريّة، وتقديم بيان منطقيّ للموضوع، ولكيلا يطول المقال لن نذكر إجابات الأسئلة المذكورة بنحوٍ مستقلّ، بل نشير إلى مدى دلالة كلّ واحدة منها في ضمن دراسة الأدلّة.

تنقسم ظواهر النصوص الدينيّة في هذا المجال إلى مجموعتين عامّتين:

الأُولى: ذات منحىً إيجابيّ تدلّ على وجود أديان أُخرى في زمن ظهور الإمام المهديّ علیه السلام ، ولا تفرض على أتباع الأديان الأُخرى تغيير دينهم.

الثانية: ذات منحىً سلبيّ، ولا تقبل بوجود بقيّة الديانات بعد الظهور، وكأنّها تدلّ على تغيير ديانة جميع الناس أو زوالهم.

والخلاصة أنّ هناك ثلاث نظريّات جادّة إلى جانب نظريّة رابعة أضعف منها في هذا المجال، طرحت النظريّتان الأُولى والثانيّة على أساس ظواهر الأدلّة الدينيّة، واهتمّت كلّ منهما بقسم من الأدلّة، ولكنّ النظريّتان الثالثة والرابعة تحاولان إيجاد طريقة لفهم ظروف المجتمع المهدويّ من مجموع الأدلّة، والجمع بينها من خلال الأخذ بنظر الاعتبار كلا القسمين من الأدلّة، في حين ترفض النظرية الثالثة تعدّد الديانات منذ البداية، ولكن

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8418
صفحه از 483
پرینت  ارسال به